شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ٣٧٩
والطاعة فمن لم يتحقق فيه هذا الغرض فاتته الدنيا فهو ليس بزاهد فيها وتارك لها بل هو من أهلها فيه شك في أمر الآخرة أو شرك. وأعلم أن تفرغ القلب لأمر الآخرة يبذر السعادة والذكر فيه والطاعة في جميع الجوارح وهي تزيد وتنمو حتى يصير القلب نورا إلهيا يشاهد جلال الله وعظمته وأسراره الغيبية التي قلما يقدر على تحملها ثم يتشرف بمقام الانس ثم بمقام المحبة ثم بمقام الرضا ثم بمقام الفناء في الله وهو هذا المقام لا يرى في الوجود إلا هو وإلى هذه المراتب أشار جل شأنه بقوله (ومن يرد ثواب الآخرة نزد له في حرثه» بخلاف القلب الملوث بشهوات الدنيا فإن الذكر والطاعة لو تحققا لا يؤثر أن فيه بل يفسدان كالبذر في أرض السبخة والطعام في المعدة الممتلئة بالأخلاط الفاسدة ولذلك ترى كثيرا من الذاكرين والعابدين لا يجدون من السعادة إلا إسما ولا يعلمون من المعرفة إلا رسما وهم عن قرب الحق محرومون وعن ساحة أسراره مطرودون.
* الأصل 6 - علي، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن علامة الراغب في ثواب الآخرة زهده في عاجل زهرة الدنيا، أما إن الزاهد في الدنيا لا ينقصه مما قسم الله عز وجل له فيها وإن زهد، وإن حرص الحريص على عاجل زهرة [الحياة] الدنيا لا يزيده فيها وإن حرص، فالمغبون من حرم حظه من الآخرة.
* الشرح قوله: (علامة الراغب في ثواب الآخرة زهده في عاجل زهرة الدنيا) لكل حق علامة دالة عليه وعلامة من رغب في ثواب الآخرة الذي أعظمه قرب الحق زهده في زهرة الدنيا لأنها ينافيه ومن رغب في شيء يترك ما ينافيه بالضرورة ويطلب ما يحقق حصوله فمن ادعى الرغبة في ثواب الآخرة وهو راغب في الدنيا فهو كاذب وإنما أقحم لفظ العاجل لأن زهرة الدنيا المتعلقة بالأجل والآخرة كقدر ما يحتاج إليه الإنسان في تحصيل ما ينفع الآخرة لا ينافي الرغبة في ثوابها بل معين لحصوله والمراد بزهرة الدنيا متاعها تشبيها له بزهرة النبات لحسنها في أعين الناس، ثم حث على الزهد وترك الحرص والاجتهاد والرغبة في الدنيا على وجه المبالغة للتنبيه والتأكيد بالتكرير وغيره بقوله: (أما إن زهد الزاهد في هذه الدنيا) الإشارة للتحقير (لا ينقصه مما قسم الله عز وجل له فيها وإن زهد) كيف وقد قال الله تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه» فالزهد باعث لوصول القسم والرزق لا مانع له (وإن حرص الحريص على عاجل زهرة الدنيا لا يزيده فيها وإن حرص) لأن قسمه من الدنيا ما يحتاج إليه في بقائه والزائد عليه على تقدير حصوله بالحرص ليس قسما له بل لغيره والحاصل القسم وعدم
(٣٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428