النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال «لن يدخل أحدا منكم عمله الجنة» وهذا بناء على أصلهم من أن الله تعالى يجوز أن يعذب المؤمن المطيع ويثيب الكافر، وأوردوا على أنفسهم أن ذلك منقوض بالآية المذكورة وأن العمل إذا لم يكن سببا أصلا فما الفائدة فيه؟ فأجابوا عن الأول بأن معنى الآية:
إدخلوا بأعمالكم رحمة من الله لا إستحقاقا عليه، وقال المازري معناها أن دخول الجنة بالعمل لكن بهدايته له وفضله فصح أنه يدخل الجنة بمجرد العمل. وأجاب أبو عبد الله إلا بي عن الثاني بأن القائلين بأن دخول الجنة إنما هو بنعمة الله لا يلغون أثر الأعمال بل يقولون إنما هو في رفع الدرجات.
أقول: يرد على الجواب الأول أن استفادة من الآية ممنوعة وعلى تقدير التسليم لا يخلو من تناقض لأن قولهم ادخلوها بأعمالكم يفيد أن الأعمال سبب للدخول في الجملة وقولهم لا إستحقاقا عليه يفيد أنها ليست له وعلى جواب المازري أنه لا ينافي كون الأعمال سببا في الجملة وعلى جواب الأبي أنه إذا جاز أن تكون الأعمال سببا لعلو الدرجات لم لا يجوز (1) لدخول الجنة.
* الشرح (وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا) هذا هو المطلوب ولذا ذكره في هذا الباب وأما ذكره في باب الرضا بالقضاء فمن باب التبعية وينبغي أن يعلم أن الخوف يقتضى ترك المنهيات والرجاء يقتضي فعل الطاعات والمكلف بعد إتصاله بهما على السواء ينبغي أن لا يتكل على أعماله فإن العبد - كما مر - وإن بالغ كان مقصرا بعد، بل ينبغي أن يحسن ظنه بالله في قبول عمله ورفع درجته ويعتمد على فضله وكرمه ولا يسوء ظنه به فإن حسن الظن ينبعث منه المحبة وهي أعلى مقامات السالكين وسوء الظن ينبعث منه النفرة وهي من أعظم خصال الشياطين، ومما ذكرنا يندفع وتوهم أن حسن الظن يوجب ترجيح الرجاء على الخوف وهذا ينافي ما ممر من اعتبار التساوي بينهما.
* الأصل 2 - ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن يزيد بن معاوية، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: وجدنا في كتاب علي (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال - وهو على منبره - والذي لا إله إلا هو ما اعطي مؤمن قط خير الدنيا