شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٨ - الصفحة ٢٣٠
* الشرح قوله: (قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول حسن الظن بالله أن لا ترجو إلا الله ولا تخاف إلا ذنبك) يعني حسن الظن أن ترجو الفوز بالسعادة الدنيوية من حول الله وقوته وتترقب النعماء الأخروية من فضله ورحمته لامن محض عملك ومجرد سعيك فإن العمل وإن كان في حد الكمال قال في جانب عزته، ناقص في جنب عظمته، لا يوجب الوصول إلى كمال قربه ونعمته، وأن تخاف من ذنبك فإنه يؤديك إلى مقام الوعيد لامن الله تعالى فإنه ليس بظلام للعبيد وفيه إشارة إلى أن حسن الظن مركب من الرجاء والخوف وبه يشعر لفظه أيضا فلو تخلف أحدهما عن الاخر كان ذلك خروجا عن التوسط بالإفراط والتفريط المذمومين عقلا ونقلا ويشير إليه أيضا قول أمير المؤمنين (عليه السلام) «العبد إنما يكون حسن ظنه بربه على قدر خوفه من ربه وإن أحسن الناس ظنا بالله أشدهم خوفا» ومراده (عليه السلام) في قوله على قدر خوفه من ربه على قدر خوف من عذاب ربه لأجل ذنبه فلا ينافي هذا الخبر، وبالجملة المستفاد من هذين الخبرين إن حسن الظن والخوف متلازمان لأنهما معلولا علة واحدة وهي معرفة الله سبحانه إلا أن كل واحد منهما يستند إلى صنف من المعرفة ونوع من الاعتبار يكون هو مبدؤه، أما حسن الظن يعني الرجاء فإن العبد إذا عرف ربه ولا حظ غناه عن العالمين وعن طاعتهم بحيث لا يزيد ذلك في ملكه مثقال ذرة وإعتبر جميع أسباب نعمه عليهم ظاهرة وباطنة جلية وخفية مما هو ضروري لهم كآلات التغذية والتنمية ونحوهما مما لا يحصى وما لهم حاجة ما كالأظفار ونحوها وما هو غير ضروري ولكن زينة لهم كتقوس الحاجبين واختلاف ألوان العينين وغيرهما وتفكر في صفحات رحمته ولطفه وإحسانه وإنعامه وفي أن العناية الإلهية إذا لم ترض إن يفوتهم تلك النعماء والمزايا في الحاجة والزينة كيف ترضى بسياقهم إلى الهلاك إلا بدى بعد معرفته وتوحيده والإخلاص في عبادته؟
يحصل له بعد تلك الاعتبارات والملاحظات حسن الظن به والرجاء إلى رحمته وعوه وأما الخوف فإنه إذا عرف الله تعالى ولاحظ صفات جلاله وعظمته وتعاليه وسطوته وإستغناءه عن الخلق أجمعين وأنه لو أهلك العالمين لم يبال ولم يمنعه مانع ولم يسأله سائل وتفكر في سخطه وغضبه وعظم رزية مخالفته ومعصية في إخراجه آدم من الجنة بسبب المخالة السهلة مع كمال عزته ونشوه بين الملائكة وسجوده له وإخراج الشيطان من رحمته بسبب مخالفة أمر واحد من أوامره وتكبره على آدم وتفكره في الأمم الماضية وكيفية أخذهم واهلاكهم بسبب المعصية فمنهم من أهلكم بالصيحة ومنهم عن أغرقهم ومنهم من خسف بهم الأرض ومنهم من مسخهم إلى غير
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب طينة المؤمن والكافر 3
2 باب آخر منه 15
3 باب آخر منه 21
4 باب 32
5 باب 35
6 باب 36
7 باب 42
8 باب 43
9 باب 44
10 باب 46
11 باب الإخلاص 49
12 باب الشرائع 57
13 باب دعائم الإسلام 61
14 باب 74
15 باب آخر منه 85
16 باب 87
17 باب 101
18 باب السبق إلى الإيمان 121
19 باب درجات الإيمان 130
20 باب آخر منه 135
21 باب نسبة الإسلام 138
22 باب خصال المؤمن 143
23 باب 151
24 باب صفة الإيمان 159
25 باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان 163
26 باب حقيقة الإيمان واليقين 168
27 باب التفكر 174
28 باب المكارم 178
29 باب فضل اليقين 186
30 باب الرضا بالقضاء 196
31 باب 206
32 باب حسن الظن بالله عز وجل 227
33 باب الطاعة والتقوى 235
34 باب العفة 251
35 باب اجتناب المحارم 253
36 باب أداء الفرائض 257
37 باب استواء العمل والمداومة عليه 259
38 باب العبادة 261
39 باب النية 265
40 باب 269
41 باب الإقتصاد في العبادة 271
42 باب 274
43 باب الصبر 277
44 باب الشكر 291
45 باب حسن الخلق 303
46 باب حسن البشر 312
47 باب الحياء 317
48 باب العفو 319
49 باب كظم الغيظ 323
50 باب الحلم 328
51 باب الصمت وحفظ اللسان 333
52 باب المداراة 343
53 باب الرفق 347
54 باب التواضع 354
55 باب 363
56 باب ذم الدنيا والزهد فيها 372
57 باب باب القناعة 407
58 باب الكفاف 412
59 باب تعجيل فعل الخير 415
60 باب الإنصاف والعدل 419
61 استدراك 428