والآخرة إلا بحسن ظنه بالله ورجائه له وحسن خلقه والكف عن اغتياب المؤمنين، والذين إله إلا هو لا يعذب الله مؤمنا بعد التوبة والاستغفار إلا بسوء ظنه بالله وتقصيره من رجائه وسوء خلقه وإغتيابه للمؤمنين. والذي لا إله إلا هو لا يحسن ظن عبد مؤمن بالله إلا كان الله عند ظن عبده المؤمن، لأن الله كريم بيده الخيرات، يستحيي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظن ثم يخلف ظنه ورجاءه، فأحسنوا بالله الظن وارغبوا إليه.
قوله: (والذي لا إله إلا هو ما أعطى مؤمن قط خير الدنيا والآخرة إلا بحسن ظنه بالله) قال بعض الأفاضل معناه حسن ظنه بالغفران إذا ظنه حين يستغفر وبالقبول إذا ظنه حين يتوب وبالإجابة إذا ظنه حين يدعو وبالكفاية حين يستكفي لان هذه صفات لا تظهر إلا إذا حسن ظنه بالله تعالى وكذلك تحسين الظن بقبول العمل عند فعله إياه. فينبغي للمستغفر والتائب والداعي والعامل أن يأتوا بذلك موقنين بالإجابة بوعد الله الصادق فإن الله تعالى وعد بقبول التوبة الصادقة والأعمال الصالحة، وأما لو فعل هذه الأشياء وهو يظن أنها لا تقبل ولا تنفعه وفذلك قنوط من رحمة الله والقنوط كبيرة مهلكة وأما ظن المغفرة مع الإصرار وظن الثواب مع ترك الأعمال فذلك جهل وغرور يجر إلى مذهب المرجئة والظن هو ترجيح أحد الجانبين بسبب يقتضى الترجيح فإذا خلا عن سبب فإنما هو غرور وتمنى للمحال.
* الأصل 3 - محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: أحسنوا الظن بالله. فإن الله عز وجل يقول: أنا عند ظن عبدي المؤمن بي، إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا.
* الشرح قوله: (قال أحسنوا الظن بالله فإن الله عز وجل يقول أنا عند ظن عبدي المؤمن بي أن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا) أقول قد عرفت معناه ومثله من كتب العامة روى مسلم عن النبي (عليه السلام) قال:
يقول الله عز وجل «أنا عند ظن عبدي» قال القابسي يحتمل أنه تحذير للعبد مما يقع في نفسه مثل قوله تعالى «فأحزروه» وقال الخطابي معناه أنا عبد ظن عبدي بي في حسن عمله وسوء علمه لأن من حسن عمله حسن ظنه ومن ساء عمله ساء ظنه.
* الأصل 4 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن سفيان ابن عيينة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: حسن الظن بالله أن لا ترجو إلا الله ولا تخاف إلا ذنبك.