وهي ضبط النفس عما يوجب البعد عنه تعالى من الرذائل النفسانية والجسمانية.
(من كان لله مطيعا فهو لنا ولي) أي من كان مطيعا لله لا لغيره من النفس والشيطان فهو لنا ولي ذاتا وفعلا لا لغيرنا، والولي فعيل بمعنى فاعل أي ناصر ومحب، أو بمعنى مفعول كما في قولهم « المؤمن ولي الله».
(ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو) أي من حيث أنه عاص فيرجع النقص والعداوة إلى فعله: «لا إلى ذاته، ولذلك تدركه الشفاعة وتنجيه من الخلود في النار مع أعدائهم ذاتا وفعلا يدل على ذلك ما روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله خلق السعادة والشقاء قبل أن يخلق خلقه فمن خلقه الله سعيدا لم يبغضه أبدا وإن عمل شرا أبغض عمله ولم يبغضه وإن كان شقيا لم يحبه أبدا وإن عمل صالحا أحب عمله وأبغضه لما يصير إليه فإذا أحب الله شيئا لم يبغضه أبدا وإذا أبغض شيئا لم يحبه أبدا».
(وما تنال ولا يتنا إلا بالعمل والورع) أي الإتيان بالطاعات والاجتناب عن المنهيات، قال بعض المحققين للورع أربع درجات:
الأولى: ورع التائبين وهو ما يخرج به الإنسان عن الفسق وهو المصحح لقبول الشهادة، الثانية: ورع الصالحين وهو الإجتناب عن الشبهات خوفا منها من الوقوع في المحرمات.
الثالثة: ورع المتقين وهو ترك الحلال خوفا من أن ينجر إلى الحرام مثل ترك التحدث بأحوال الناس لمخالفة أن ينجر إلى الغيبة.
الرابعة: ورع السالكين وهو الإعراض عما سواه تعالى خوفا من صرف ساعة من العمر فيما لا يفيد زيادة القرب منه تعال وإن علم أنه لا ينجر إلى الحرام.
* الأصل 4 - علي بن إبراهيم، عن أبيه; ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، جميعا عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا كان يوم القيامة يقوم عنق من الناس فيأتون باب الجنة فيضربونه، فيقال لهم: من أنتم؟ فيقولون: نحن أهل الصبر، فيقال لهم: على ما صبرتم؟
فيقولون: كنا نصبر على طاعة طاعة الله ونصبر عن معاصي الله، فيقول الله عز وجل: صدقوا، ادخلوهم الجنة وهو قول الله عز وجل: (إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب).
* الشرح قوله: (إذا كان يوم القيامة يقوم عنق من الناس) العنق الرقبة، والنون مضمومة للاتباع في لغة حجاز وساكنة في لغة تميم، والمراد بها الجماعة من الناس.