ولذلك أشار إلى أن دعواهم الخوف باطل أيضا على وجه العموم بقوله.
(ومن خاف من شيء هرب منه) بالضرورة فليس لهم خوف من فوات الرحمة وإلا لهربوا منه بترك المعاصي الموجبة لفواتها.
* الأصل 6 - ورواه علي بن محمد، رفعه قال: قلت لأبي عبد الله (عليهم السلام) إن قوما من مواليك يلمون بالمعاصي ويقولون نرجو؟ فقال: كذبوا ليسوا لنا بموال، اولئك قوم ترجحت بهم الأماني. من رجا شيئا عمل له ومن خاف من شيء هرب منه.
* الشرح قوله: (إن قوما من مواليك) أي ناصريك وتابعيك القائلين بولايتك المحبين لك، (يلمون بالمعاصي) أي ينزلون بالمعاصي ويفعلونها.
(ويقولون نرجو) الرحمة والمغفرة لأنه تعالى واسع الرحمة والمغفرة (فقال كذبوا) في دعوى الولاية والرجاء (ليسوا لنا بموال) لأن الموالاة ليست بمجرد القول بل هي محبة في الباطن ومتابعة في الظاهر لا انفكاك بينهما والحصر المفهوم من تقديم الظرف يفيد أنهم موال لغيرهم هو الشيطان (أولئك قوم ترجحت بهم الأماني) الباء للتعدية أي أمالتهم الأماني عن طريق الرشاد إلى سبيل الفساد حيث رجوا الرحمة مع انتفاء سببها وهو التمني المستعمل في المحال دون الرجاء.
* الأصل 7 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابه، عن صالح بن حمزة، رفعه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن من العبادة شدة الخوف من الله عز وجل يقول الله: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) وقال جل ثناؤه: (فلا تخشوا الناس واخشون) وقال تبارك وتعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا)، قال: وقال أبو عبد الله (عليه السلام): إن حب الشرف والذكر لا يكونان في قلب الخائف الراهب.
* الشرح قوله: (إن من العبادة شدة الخوف من الله عز وجل) الخوف مبدؤه تصور عظمة الخالق ووعيده وأهوال الآخرة والتصديق بها وبحسب قوة ذلك التصور والتصديق يكون قوة الخوف وشدته، وهي مطلوبة ما لم يلغ حد القنوط، وربما يشعر ذلك باعتبار زيادة الخوف على الرجاء، ويمكن أي يقال شدة الخوف تستلزم شدة الرجاء أو يقال ذكر شدة الخوف على سبيل التمثيل كما يشعر به قوله « من العبادة» فإن منها شدة الرجاء.