سموا أصحاب الرس، لأنهم رسوا نبيهم في الأرض، وذلك بعد سليمان بن داود عليه السلام، وكانت لهم اثنتا عشرة قرية على شاطئ نهر يقال له (الرس) من بلاد المشرق وبهم سمي ذلك النهر، ولم يكن يومئذ في الأرض نهر أغزر ولا أعذب منه ولا أقوى، ولا قرى أكثر ولا أعمر، منها تسمى إحديهن: أبان: والثانية آذر، والثالثة دي، والرابعة بهمن، والخامسة اسفنديار، والسادسة پروردين، والسابعة أردي بهشت والثامنة ارداد، والتاسعة مرداد، والعاشرة تير، والحادية عشر مهر، والثانية عشر شهريور. وكانت أعظم مداينهم اسفنديار، وهي التي ينزلها ملكهم، وكان يسمى تركوذ بن غابور بن يارش بن سازن بن نمرود بن كنعان - فرعون إبراهيم عليه السلام وبها العين والصنوبر، وقد غرسوا في كل قرية منها حبة من طلع تلك الصنوبرة فنبتت الحبة وصارت شجرة عظيمة وأجروا إليها نهرا من العين التي عند الصنوبرة فنبتت الصنوبرة وصارت شجرة عظيمة وحرموا ماء العين والأنهار فلا يشربون منها ولا أنعامهم، ومن فعل ذلك قتلوه، ويقولون هو حياة آلهتنا، فلا ينبغي لاحد أن ينقص من حياتها، ويشربون هم وأنعامهم من نهر الرس الذي عليه قراهم، وقد جعلوا في كل شهر من السنة في كل قرية عيدا يجتمع إليه أهلها، فيضربون على الشجرة التي بها: كلة من حرير فيها أنواع الصور، ثم يأتون بشاة وبقر فيذبحونها قربانا للشجرة، ويشعلون فيها النيران بالحطب، فإذا سطع دخان تلك الذبايح وقتارها في الهواء وحال بينهم وبين النظر إلى السماء خروا للشجرة سجدا من دون الله عز وجل، يبكون ويتضرعون إليها ان ترضى عنهم فكان الشيطان يجئ ويحرك أغصانها ويصيح من ساقها صياح الصبي، إني قد رضيت عنكم عبادي، فطيبوا نفسا وقروا عينا، فيرفعون رؤسهم عند ذلك ويشربون الخمر ويضربون بالمعازف ويأخذون الدستبنذ، فيكونون على ذلك يومهم وليلتهم ثم ينصرفون. وإنما سمت العجم شهورها بأبان ماه، وآذر ماه وغيرها، اشتقاقا من أسماء تلك القرى لقول أهلها
(٤١)