من خالد بن سمير ومن هشام بن حسان يذكران أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستيقظ إلا بحر الشمس، وبضرورة الحس والمشاهدة يدرى كل أحد أن حر الشمس لا يوقظ النائم إلا بعد صفوها وابيضاضها وارتفاعها، وأما قبل ذلك فلا: وليس في حديث عبد الله بن أبي قتادة أنه عليه السلام أمرهم بالانتظار أصلا، وإنما أمرهم بالانتشار للحاجة ثم الوضوء ثم الصلاة فقط * وإذ ذلك فقد وجب أن ننظر ما الذي من أجله أخر رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة في ذلك اليوم؟ وحتى لو لم يذكر حر الشمس في شئ من هذا الخبر لما كان فيه حجة لمن زعم أنه عليه السلام إنما أخر الصلاة من أجل أن الشمس لم تكن صفت ولا ابيضت: لأنه ليس في شئ من الاخبار أصلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنما أخرت الصلاة من أجل أن الشمس لم تبيض ولا ارتفعت بعد، ولا أنه عليه السلام قال، أمهلوا حتى ترتفع الشمس وتبيض، وإنما ذلك ظن من بعض الرواة وقد قال الله تعالى: (ان الظن لا يغنى من الحق شيئا) * على أنه لم يقل قط أبو قتادة ولا عمران رضي الله عنهما: أن تأخيره عليه السلام الصلاة إنما كان لان الشمس لم تكن ابيضت ولا ارتفعت، وإنما ذكروا صفة فعله عليه السلام فقط، فحصل من قطع بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أخر الصلاة يومئذ من أجل أن الشمس لم تكن ابيضت ولا ارتفعت: على قفو ما ليس له به علم، وعلى الحكم بالظن، وكلاهما محرم بنص القرآن: وعلى الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهذا عظيم جدا * فوجب أن نطلب السبب الذي من أجله أخر عليه السلام الصلاة في
(٢٥)