قال علي: وهذا إسناد في غاية الصحة من إسناد الكوفيين، فصح أن تثنية الإقامة قد نسخت، وأنه هو كان أول الأمر، وعبد الرحمن بن أبي ليلى أخذ عن مائة وعشرين من الصحابة، وأدرك بلالا وعمر رضي الله عنهم ا، فلاح بطلان قولهم بيقين. ولله تعالى الحمد * إلا أن الأفضل ما صح من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا بان يوترها إلا الإقامة. والصحيح الاخر أولى بالاخذ مما لا يبلغ درجته * وقد قال بعض متأخري المالكيين: معنى (الا الإقامة) أي إلا (الله أكبر)! وهذا جرى منهم على عادتهم في الكذب، وما سمى أحد قط قول (الله أكبر) إقامة، لا في لغة ولا في شريعة، فكيف وقد جاء مبينا أنه (قد قامت الصلاة،) كما ذكرناه * وقال الحنفيون: إن الامر لبلال بأن يوتر الإقامة هو ممن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا لحاق منهم بالروافض الناسبين إلى أبي بكر وعمر تبديل دين الاسلام، ولعن الله من يقول هذا، فما يقوله مسلم * فان قالوا: قد رويتم من طريق حياة عن الأسود: أن بلالا كان يثنى الإقامة. قلنا: نعم، وأنس روى: أن بلالا أمر بوترها، وأنس سمع أذان بلال بلا شك، ولم يسمعه الأسود قط يؤذن ولا يقيم فصح أن معنى قول الأسود: أن بلالا كان يثنى الإقامة يريد قوله (قد قامت الصلاة) حتى يتفق قوله مع رواية أنس في ذلك * قال علي: وقال بعض الحنفيين: لعل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا محذورة أن يقول (أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله) إنما كان لأجل أنه كان خفض به صوته، لا لأنه من حكم الاذان * قال على: وهذا كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم مجرد، لأنه عليه السلام
(١٥٨)