والرباط كقوله: جعلته مسجدا سنة فإنه يصح مؤبدا، كما لو ذكر فيه شرطا فاسدا وهو لا يفسد بالشرط الفاسد ولو قال وقفت على أولادي أو على زيد ثم نسله ونحوه مما لا يدوم ولم يزد على ذلك من يصرف إليه بعدهم صح لأن المقصود بالوقف القربة والدوام، فإذا تبين مصرفه ابتداء سهل إدامته على سبيل الخير ويسمى منقطع الآخر، فإذا انقرض المذكور صرف إلى أقرب الناس إلى الواقف يوم انقراض المذكور ويختص المصرف وجوبا بفقراء قرابة الرحم لا الإرث في الأصح، فيقدم ابن بنت على ابن عم، ولو كان الوقف منقطع الأول كوقفته على من سيولد لي ثم على الفقراء لم يصح لأن الأول باطل لعدم إمكان الصرف إليه في الحال، فكذا ما يترتب عليه أو كان الوقف منقطع الوسط كوقفت على أولادي ثم على رجل مبهم ثم على الفقراء صح لوجود المصرف في الحال والمال، ثم بعد أولاده يصرف للفقراء. والشرط السادس: بيان المصرف فلو اقتصر على قوله وقفت كذا ولم يذكر مصرفه لم يصح لعدم ذكر مصرفه، ولو ذكر المصرف إجمالا كقوله: وقفت هذا على مسجد كذا كفي وصرف إلى مصالحه عند الجمهور. والشرط السابع: أن يكون منجزا فلا يصح تعليقه كقوله: إذا جاء زيد فقد وقفت كذا على كذا لأنه عقد يقتضي نقل الملك في الحال لم يبن على التغليب والسراية، فلا يصح تعليقه على شرط كالبيع والهبة ومحل البطلان فيما لا يضاهي التحرير. أما ما يضاهيه كجعلته مسجدا إذا جاء رمضان فالظاهر صحته كما ذكره ابن الرفعة، ومحله أيضا ما لم يعلقه بالموت، فإن علقه به كقوله وقفت داري بعد موتي على الفقراء فإنه يصح قال الشيخان وكأنه وصية لقول القفال إنه لو عرضها للبيع كان رجوعا، ولو نجز الوقف وعلق الاعطاء للموقوف عليه بالموت جاز، نقله الزركشي عن القاضي حسين. ولو قال: وقفت على من شئت أو فيما شئت وكان قد عين له ما شاء أو من يشاء عند وقفه صح وأخذ ببيانه وإلا فلا يصح للجهالة. ولو قال: وقفت فيما شاء الله، كان باطلا لأنه لا يعلم مشيئة الله تعالى. والشرط الثامن: الالزام، فلو قال: وقفت هذا على كذا بشرط الخيار لنفسه في إبقاء وقفه أو الرجوع فيه متى شاء، أو شرطه لغيره أو شرط عوده إليه بوجه ما كان شرط أن يبيعه أو شرط أن يدخل من شاء ويخرج من شاء لم يصح قال الرافعي كالعتق. قال السبكي: وما اقتضاه كلامه من بطلان العتق غير معروف. وأفتى القفال بأن العتق لا يبطل بذلك لأنه مبني على الغلبة والسراية. القول في الوقف على شروط الواقف (وهو) أي الوقف (على ما شرط الواقف) سواء أقلنا الملك له أم للموقوف عليه، أم ينتقل إلى الله تعالى بمعنى أنه ينفك عن اختصاص الآدميين كما هو الأظهر، إذ مبنى الوقف على اتباع شرط الواقف (من تقديم أو تأخير أو تسوية أو
(٢٩)