فكأن العبد إذا فك من الرق تخلص واستقل، وشرعا إزالة ملك عن آدمي لا إلى مالك تقربا إلى الله تعالى، وخرج بالآدمي والبهيمة فلا يصح عتقهما. كما في زوايا الخبايا عن الرافعي أو ملك طائرا وأراد إرساله فوجهان: أصحهما المنع لأنه في معنى السوائب. والأصل في مشروعيته قبل الاجماع قوله تعالى:
* (فك رقبة) * وقوله تعالى: * (وإذ تقول للذي أنعم الله عليه) * أي بالاسلام: * (وأنعمت عليه) * أي بالعتق كما قاله المفسرون وفي غير موضع فتحرير رقبة. وفي الصحيحين: من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منها عضوا من أعضائه من النار حتى الفرج بالفرج وفي سنن أبي داود أن النبي (ص) قال: من أعتق رقبة مؤمنة كانت فداءه من النار وخصت الرقبة بالذكر في هذين الخبرين لأن ملك السيد الرقيق كالغل في رقبته فهو محتبس به كما تحبس الدابة بالحبل في عنقها فإذا أعتقه أطلقه من ذلك الغل الذي كان فيه رقبته وقوله: حتى الفرج بالفرج خصه بالذكر إما لأن ذنبه فاحش وإما لأنه قد يختلف من المعتق والمعتق.
فائدة: أعتق النبي (ص) ثلاثا وستين نسمة وعاش ثلاثا وستين سنة وأعتقت السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها تسعا وستين وعاشت كذلك وأعتق عبد الله بن عمر ألفا وأعتق حكيم بن حزام مائة مطوقين بالفضة وأعتق ذو الكراع الحميري في يوم ثمانية آلاف وأعتق عبد الرحمن بن عوف ثلاثين ألفا، رضي الله تعالى عنهم وحشرنا معهم آمين. وأركانه ثلاثة: معتق وعتيق وصيغة، وقد شرع في الركن الأول فقال: (ويصح العتق من كل مالك) للرقبة (جائز التصرف في ملكه) أهل للتبرع والولاء، مختار ومن وكيل أو ولي في كفارة لزمت موليه فلا يصح من غير مالك، بلا إذن ولا من غير مطلق التصرف من صبي ومجنون ومحجور عليه بسفه أو فلس ولا من مبعض، ومكاتب ومكره، بغير حق ويتصور الاكراه بحق في البيع بشرط العتق ويصح من سكران، ومن كافر ولو حربيا، ويثبت ولاؤه على عتيقه المسلم سواء أعتقه مسلما أو كافرا ثم أسلم ولا يصح عتق موقوف، لأنه غير مملوك ولان ذلك يبطل به حق بقية البطون ويصح معلقا بصفة محققة الوقوع وغيرها. كالتدبير لما فيه من التوسعة لتحصيل القربة وإذا علق