ثم إن توقع المضطر حلالا على قرب لم يجز أن يأكل غير (ما يسدد رمقه) لاندفاع الضرورة به وقد يجد بعده الحلال ولقوله تعالى: * (غير متجانف لاثم) * قيل: أراد به الشبع قال الأسنوي:
ومن تبعه والرمق بقية الروح كما قاله جماعة وقال بعضهم: إنه القوة وبذلك ظهر لك أن الشد المذكور بالشين المعجمة لا بالمهملة قال الأذرعي وغيره الذي نحفظه أنه بالمهملة. وهو كذلك في الكتب والمعنى عليه صحيح لأن المراد سد الخلل الحاصل في ذلك بسبب الجوع نعم إن خاف تلفا أو حدوث مرض أو زيادته إن اقتصر على سد الرمق جازت له الزيادة بل وجبت لئلا تهلك نفسه.
تنبيه: يجوز له التزود من المحرمات ولو رجا الوصول إلى الحلال ويبدأ وجوبا بلقمة حلال ظفر بها فلا يجوز أن يأكل مما ذكر حتى يأكلها لتحقق الضرورة وإذا وجد الحلال بعد تناوله الميتة ونحوها لزمه القئ أي إذا لم يضره كما هو قضية نص الام فإنه قال: وإن أكره رجل حتى شرب خمرا أو أكل محرما فعليه أن يتقايأ إذا قدر عليه ولو عم الحرام جاز استعمال ما يحتاج إليه ولا يقتصر على الضرورة قال الإمام: بل على الحاجة قال ابن عبد السلام هذا إن توقع معرفة المستحق إذ المال عند اليأس منها للمصالح العامة، وللمضطر أكل آدمي ميت، إذا لم يجد ميتة غيره كما قيده الشيخان في الشرح والروضة لأن حرمة الحي أعظم من حرمة الميت. واستثني من ذلك ما إذا كان الميت نبيا فإنه لا يجوز الاكل منه جزما. فإن قيل: كيف يصح هذا الاستثناء والأنبياء أحياء في قبورهم يصلون كما صحت به الأحاديث. أجيب: بأنه يتصور ذلك من مضطر وجد ميتة نبي قبل دفنه وأما إذا كان الميت مسلما والمضطر كافرا فإنه لا يجوز الاكل منه لشرف الاسلام. وحيث جوزنا أكل ميتة الآدمي لا يجوز طبخها ولا شيها لما في ذلك من هتك حرمته ويتخير في غيره بين أكله نيئا وغيره. وله قتل مرتد وأكله وقتل حربي ولو صغيرا أو امرأة وأكله لأنهما غير معصومين. وإنما حرم قتل الصبي الحربي والمرأة الحربية، في غير الضرورة لا لحرمتهما بل لحق الغانمين وله قتل الزاني المحصن والمحارب. وتارك الصلاة ومن له عليه قصاص وإن لم يأذن الإمام في القتل لأن قتلهم مستحق. وإنما اعتبروا إذنه في غير حال الضرورة تأدبا معه، وحال الضرورة ليس فيها رعاية أدب وحكم مجانين أهل الحرب وأرقائهم وخنثاهم كصبيانهم قال ابن عبد السلام ولو وجد المضطر صبيا مع بالغ حربيين أكل البالغ وكف عن الصبي لما في أكله من ضياع المال. ولان الكفر الحقيقي أبلغ من الكفر الحكمي انتهى. وكذا يقال: فيما شبه بالصبي ومحل الإباحة كما قاله البلقيني: إذا لم يستول على الصبي والمرأة أي ونحوهما وإلا صاروا أرقاء