ولم يخالفوهم في أصول دينهم وإلا فلا تعقد لهم وكذا تعقد لهم لو أشكل أمرهم وتعقد لزاعم التمسك بصحف إبراهيم، وصحف شيث وهو ابن آدم لصلبه. وزبور داود، لأن الله تعالى أنزل عليهم صحفا فقال: * (صحف إبراهيم وموسى) * وقال: * (وإنه لفي زبر الأولين) *. وتسمى كتبا كما نص عليه الشافعي فاندرجت في قوله تعالى: * (من الذين أوتوا الكتاب) * ومن أحد أبويه كتابي والآخر وثني تغليبا لحقن الدم وتحرم ذبيحته ومناكحته احتياطا وأما من ليس لهم كتاب ولا شبهة كتاب كعبدة الأوثان والشمس والملائكة ومن في معناهم كمن يقول: إن الفلك حي ناطق وإن الكواكب السبعة آلهة فلا يقرون بالجزية ولو بلغ ابن ذمي ولم يعط الجزية ألحق بمأمنه. وإن بذلها عقدت له، والمذهب وجوبها على زمن وشيخ وهرم وأعمى وراهب وأجير لأنها كأجرة الدار وعلى فقير عجز عن كسب فإذا تمت سنة وهو معسر ففي ذمته حتى يوسر وكذا حكم السنة الثانية وما بعدها.
ثم شرع في الركن الثالث وهو المال بقوله: (وأقل الجزية دينار في كل حول) عن كل واحد لما رواه الترمذي وغيره عن معاذ: أنه (ص) لما وجهه إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل حالم دينارا أو عدله من المعافر وهي ثياب تكون باليمن.
تنبيه: ظاهر الخبر أن أقلها دينار، أو ما قيمته دينار وبه أخذ البلقيني والمنصوص الذي عليه الأصحاب كما هو ظاهر عبارة المصنف أن أقلها دينار، وعليه إذا عقدها به جاز أن يعتاض عنه ما قيمته دينار وإنما امتنع عقدها بما قيمته دينار لأن قيمته قد تنقص عنه آخر المدة ومحل كون أقلها دينارا عند قوتنا. وإلا فقد نقل الدارمي عن المذهب أنه يجوز عقدها بأقل من دينار. نقله الأذرعي وقال إنه ظاهر متجه وقضية كلام المصنف تعلق الوجوب بانقضاء الحول. وقال القفال: اختلف قول الشافعي في أن الجزية تجب بالعقد وتستقر بانقضاء الحول أو تجب بانقضائه وبنى عليهما إذا مات في أثناء الحول هل تسقط فإن قلنا: بالعقد لم تسقط وإلا سقطت حكاه القاضي حسين في الاسرار ولا حد لأكثر الجزية، ويندب للإمام مماكسة الكافر العاقد لنفسه أو لموكله في قدر الجزية