تنبيه: من لا ينتحل دينا كالدهري والزنديق الذي لا يتدين بدين وعابد الوثن لا يشرع في حقهم تغليظ بل يلاعنون في مجلس الحكم لأنهم لا يعظمون زمانا ولا مكانا فلا ينزجرون. قال الشيخان: ويحسن أن يحلف من ذكر بالله الذي خلقه ورزقه. لأنه وإن غلا في كفره وجد نفسه مذعنة لخالق مدبر، ويسن التغليظ أيضا (في جماعة) أي بحضور جمع عدول (من) أعيان (الناس) وصلحائهم من بلد اللعان لقوله تعالى: * (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) * ولان فيه ردعا عن الكذب وأقلهم كما في المنهاج كأصله أربعة لثبوت الزنا بهم فاستحب أن يحضر ذلك العدد، ويبدأ في اللعان بالزوج فيقول: (أشهد بالله إنني لمن الصادقين فيما رميت به زوجتي فلانة) هذه (من الزنا) إن كانت حاضرة فإن كانت غائبة عن البلد أو مجلس اللعان لمرض أو حيض أو نحو ذلك، سماها ورفع نسبها بما يميزها عن غيرها دفعا للاشتباه. وإن كان ثم ولد ينفيه عنه ذكره في كل كلمات اللعان الخمسة الآتية لينتفي عنه فيقول في كل منها: (وإن هذا الولد) إن كان حاضرا أو: لأن الولد الذي ولدته إن كان غائبا (من الزنا وليس) هو (مني) لأن كل مرة بمنزلة شاهد فلو أغفل ذكر الولد في تنبيه: قضية كلامه إنه لو اقتصر بعض الكلمات احتاج إلى إعادة اللعان لنفيه على قوله: (من الزنا) ولم يقل ليس مني أنه لا يكفي، قال في الشرح الكبير وبه أجاب كثيرون لأنه قد يظن أن وطئ النكاح الفاسد والشبهة زنا ولكن الراجح أنه يكفي. كما صححه في أصل الروضة والشرح الصغير حملا للفظ الزنا على حقيقته وقضيته أيضا أنه لو اقتصر على قوله ليس مني لم يكف، وهو الصحيح لاحتمال أن يريد أن لا يشبهه خلقا ولا خلقا، فلا بد أن يسنده مع ذلك إلى سبب معين كقوله من زنا أو وطئ شبهة. ويكرر ذلك (أربع مرات) للآيات السابقة أول الفصل وكررت الشهادة لتأكيد الامر. لأنها أقيمت مقام أربع شهود من غيره ليقام عليها الحد ولذلك سميت شهادات وهي في الحقيقة أيمان، وأما الكلمة الخامسة الآتية فمؤكدة لمفاد الأربع (ويقول في المرة الخامسة بعد أن يعظه الحاكم) ندبا بأن يخوفه من عذاب الله تعالى، وقد قال (ص) لهلال اتق الله فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ويأمر رجلا أن يضع يده على فيه لعله ينزجر فإن أبى بعد مبالغة الحاكم في وعظه إلا المضي قال له: قل: (وعلي لعنة الله إن كنت من الكاذبين) فيما رميتها به من الزنا ويشير إليها في الحضور ويميزها في الغيبة كما في الكلمات الأربع.
تنبيه: كان من حق المصنف أن يذكر هذه الزيادة لئلا يتوهم أن الخامسة لا يشترط فيها ذكر ذلك، وسكوته أيضا عن ذكر الولد في الخامسة يقتضي أيضا أنه لا يشترط في نفيه ذكره فيها. وليس مرادا كما مر أنه لا بد من ذكره في الكلمات الخمس وسكت أيضا عن ذكر الموالاة في الكلمات الخمس والأصح اشتراطها كما في الروضة فيؤثر الفصل الطويل وهذا كله إن كان قذف ولم تثبته عليه ببينة.
وإلا بأن كان اللعان لنفي ولد كأن احتمل كونه من وطئ شبهة وأثبتت قذفه ببينة قال في الأول فيما رميتها به من إصابة غيري لها على فراشي، وأن هذا الولد من تلك الإصابة إلى الكلمات وفي الثاني فيما أثبتت على من رمى إياها بالزنا إلى آخره. ولا تلاعن المرأة في الأول إذ لا حد عليها بهذا اللعان حتى تسقطه بلعانها. القول فيما يرتب على لعان الرجل (ويتعلق بلعانه) أي بتمامه من غير توقف عى لعانها ولا قضاء القاضي كما في الروضة. (خمسة أحكام) وعليها اقتصر في المنهاج وذكر في الزوائد زيادة عليها كما سيأتي مع غيرها. الأول (سقوط الحد) أي سقوط حد قذف الملاعنة (عنه) إن كانت محصنة وسقوط التعزير عنه إن لم تكن محصنة ولا يسقط حد قذف الزاني عنه إلا إن ذكره في لعانه.
تنبيه: كان الأولى أن يعبر بالعقوبة بدل الحد ليشمل التعزير (و) الثاني (وجوب الحد) أي حد الزنا (