التعزير، فإن كان من غير جنس الحد، كالحبس، تعلق باجتهاد الامام، وإن رأى الجلد فيجب أن ينقص عن الحد، وفي ضبطه أوجه، أحدها: أنه يفرق بين المعاصي وتقاس كل معصية بما يناسبها من الجناية الموجبة للحد، فيعزر في الوطئ المحرم الذي لا يوجب حدا، وفي مقدمات الزنى دون حد الزنى، وفي الايذاء والسب بغير قذف دون حد القذف، وفي إدارة كأس الماء على الشرب تشبيها بشاربي الخمر دون حد الخمر، وفي مقدمات السرقة دون حد السرقة، وعلى هذا فتعزير الحر يعتبر بحده، والعبد بحده، والوجه الثاني: أن جميع المعاصي سواء ولا يزاد تعزير على عشر جلدات للحديث الصحيح أن رسول الله (ص) قال: لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد والثالث وهو الأصح عند الجمهور وظاهر النص: أنه تجوز الزيادة على عشرة بحيث ينقص عن أدنى حدود المعزر، فلا يزاد تعزير حر على تسع وثلاثين جلدة، ولا العبد على تسع عشرة، والحديث قال بعضهم: إنه منسوخ، واستدل بعمل الصحابة رضي الله عنهم بخلافه من غير إنكار، والرابع: يعتبر أدنى الحدود على الاطلاق، فلا يزاد حر ولا عبد على تسع عشرة، والخامس حكاه البغوي: الاعتبار بحد الحر، فيبلغ بالحر والعبد تسعا وثلاثين.
فصل من الأصحاب من يخص لفظ التعزير بضرب الامام أو نائبه للتأديب في غير حد، ويسمي ضرب الزوج زوجته، والمعلم الصبي، والأب ولده تأديبا لا تعزيرا، ومنهم من يطلق التعزير على النوعين وهو الأشهر، فعلى هذا مستوفي التعزير الامام والزوج والأب والمعلم والسيد، أما الامام فيتولى بالولاية العامة إقامة العقوبات حدا وتعزيرا، والأب يؤدب الصغير تعليما وزجرا عن سئ الأخلاق، وكذا يؤدب المعتوه بما يضبطه، ويشبه أن تكون الام في زمن الصبي في كفالته كذلك كما