الشيخ أبي حامد أنه يجب أيضا إذا علمنا شربه المسكر، بأن رأيناه شرب من شراب إناء شرب منه غيره فسكر، وليكن هذا مبنيا على أن القاضي يقضي بعلمه، ولا تعويل على النكهة وظهور الرائحة منها، ولا على مشاهدة سكره وتقيئه الخمر، لاحتمال غلط أو إكراه، ثم صيغة المقر والشاهد إن كانت مفصلة بأن قال: شربت الخمر، أو شربت ما شرب منه غيري، فسكر منه، وأنا به عالم مختار، وفصل الشاهد كذلك، فذاك، وإن قال: شربت الخمر، أو ما شربه غيري فشرب منه فسكر منه، واقتصر عليه، أو شهد اثنان أنه شرب الخمر من غير تعرض للعلم والاختيار، فوجهان، أحدهما: لا حد، لاحتمال الجهل والاكراه، كما لا بد من التفصيل في الزنى، وبهذا قال القاضي أبو حامد واختاره الامام، وأصحهما وأشهرهما وظاهر النص وبه قطع بعضهم: يجب الحد، لأن إضافة الشرب إليه حاصلة، والأصل عدم الاكراه، والظاهر من حال الآكل والشارب العلم بما يشربه، وصار كالاقرار بالبيع والطلاق وغيرهما، والشهادة عليها لا يشترط فيها تعرض للاختيار والعلم بخلاف الزنى فإنه يطلق على مقدماته، وفي الحديث العينان تزنيان.
فروع ما يزيل العقل من غير الأشربة، كالبنج، حرام لكن لا حد في تناوله، ولو احتيج في قطع اليد المتآكلة إلى زوال عقله هل يجوز ذلك؟ يخرج على الخلاف في التداوي بالخمر.
قلت: الأصح: الجواز، وقد سبق في مسائل طلاق السكران ومن زال عقله ما يقتضي الجزم به، ولو احتاج إلى دواء يزيل العقل لغرض صحيح جاز تناوله قطعا كما سبق هناك. والله أعلم.
الند المعجون بالخمر نجس، قال ابن الصباغ: ولا يجوز بيعه، وكان ينبغي أن يجوز، كالثوب النجس، لامكان تطهيره بنقعه في الماء، ومن يتبخر به هل يتنجس؟ فيه وجهان، كدخان النجاسة.