سوادهم، أو يميل إليهم، أو يكيدوا له، وقيل: تجب الهجرة، حكاه الامام، والصحيح الأول.
قلت: قال صاحب الحاوي: فإن كان يرجو ظهور الاسلام هناك بمقامه، فالأفضل أن يقيم، قال: وإن قدر على الامتناع في دار الحرب والاعتزال، وجب عليه المقام بها، لأن موضعه دار إسلام، فلو هاجر، لصار دار حرب، فيحرم ذلك، ثم إن قدر على قتال الكفار ودعائهم إلى الاسلام، لزمه، وإلا فلا. والله أعلم.
فرع الأسير المقهور متى قدر على الهرب، لزمه، ولو أطلقوا أسيرا بلا شرط، فله أن يغتالهم قتلا وسبيا وأخذا للمال، وإن أطلقوه على أنه في أمان منهم وهم في أمان منه، حرم عليه اغتيالهم، وإن أطلقوه على أنه في أمان منهم، ولم يستأمنوه، فالصحيح المنصوص أن الحكم كذلك، وعن ابن أبي هريرة: أن له اغتيالهم، ولو تبعه قوم بعد خروجه، فله قصدهم وقتلهم في الدفع بكل حال، ولو أطلقوه وشرطوا عليه أن لا يخرج من دارهم، لزمه الخروج وحرم الوفاء بالشرط، فإن حلفوه أن لا يخرج، فإن حلف مكرها، خرج ولا كفارة، لأنه لم تنعقد يمينه، ولا طلاق عليه إن حلفوه بالطلاق، وإن حلف ابتداء بلا تحليف ليتوثقوا به ولا يتهموه بالخروج، نظر إن حلف بعدما أطلقوه، لزمه الكفارة بالخروج، وإن حلف وهو محبوس أن لا يخرج إذا أطلق، فالأصح أنه ليس يمين إكراه، قال البغوي: ولو قالوا: لا نطلقك حتى تحلف أن لا تخرج، فحلف، فأطلقوه، لم يلزمه كفارة بالخروج، ولو حلفوه بالطلاق، لم يقع، كما لو أخذ اللصوص رجلا وقالوا:
لا نتركك حتى تحلف أنك لا تخبر بمكاننا، فحلف، ثم أخبر بمكانهم، لا يلزمه الكفارة، لأنه يمين إكراه، وليكن هذا تفريعا على أن التخويف بالحبس إكراه.
قلت: ليس هو كالتخويف بالحبس، فإنه يلزمه هنا الهجرة والتوصل إليها بما أمكنه. والله أعلم.