تتحتم، فهو كما لو قطع العضوين في غير المحاربة وقطع أيضا الطريق، وإن قلنا:
تتحتم، قطعناهما قصاصا، وسقط الحد، كذا ذكره الشيخ أبو حامد وابن الصباغ وغيرهما، وسووا بين قطع العضوين قبل أخذ المال وبعده، قال صاحب المهذب: إن قلنا بالتحتم، فإن تقدم أخذ المال، واقتص في العضوين، سقط الحد، وإن تقدم قطع العضوين، ثم أخذ المال، لم يسقط بالقصاص حد قطع الطريق، بل تقطع يده اليسرى ورجله اليمنى.
فصل اجتمع عليه عقوبات آدميين، كحد قذف وقصاص عضو وقصاص نفس، فإن حضر المستحقون وطلبوا حقوقهم جميعا، جلد، ثم قطع، ثم قتل، ويبادر بالقتل بعد القطع، ولا يبادر بالقطع بعد الجلد إن كان مستحق القتل غائبا، لأنه قد يهلك بالموالاة فيفوت قصاصه، وإن كان حاضرا وقال: عجلوا القطع وأنا أبادر بالقتل بعد القطع، فوجهان، أحدهما: يبادر، لأن التأخير كان حقه وقد رضي بالتقديم. وأصحهما: المنع خوفا من هلاكه بالموالاة، ورأي الامام تخصيص الوجهين بمن خيف موته بالموالاة بحيث يتعذر قصاص النفس لانتهائه إلى حركة المذبوح، ورأي الجزم بالمبادرة إذا أمكن استيفاء القصاص بعد القطع، أما إذا لم يجتمعوا على الطلب، فإن أخر مستحق النفس حقه، جلد، فإذا برأ، قطع، وإن أخر مستحق الطرف حقه، جلد، ويتعذر القتل لحق مستحق الطرف، وعلى مستحق النفس الصبر حتى يستوفي مستحق الطرف حقه، قال الغزالي: ولو مكن مستحق النفس من القتل، وقيل لمستحق الطرف: بادر وإلا ضاع حقك لفوات محله، لم يكن بعيدا، ولو بادر مستحق النفس فقتله، كان مستوفيا حقه، ورجع مستحق الطرف إلى الدية، ولو أخر مستحق الجلد حقه، فقياس ما سبق أن يصبر الآخران، وإذا اجتمع عليه حدود قذف لجماعة، حد لكل واحد حدا، ولا يوالي بل يمهل بعد كل حد حتى يبرأ، هكذا ذكره البغوي وغيره، لكنه سبق في القصاص أنه يوالي بين قطع الأطراف قصاصا، وقياسه أن يوالي بين الحدود، وذكروا تفريعا على الأول الوجهين فيما لو وجب على عبد حدان لقذف شخصين، هل يوالي؟ أصحهما عند البغوي: لا، لأنهما حدان، والثاني: نعم، لأنهما كحد حر، قال الروياني: هذا أقرب إلى المذهب، وأما ترتيب حدود القذف فينبغي أن يقال: إن قذفهم مرتبا، حد للأول فالأول، وإن قذفهم بكلمة وقلنا بالأظهر: إنه يتعدد الحد، أقرع.