الحجة الثانية: الاقرار، فإذا أقر بسرقة توجب القطع، أجري عليه حكمها، ولا يشترط تكرير الاقرار، فلو أقر ثم رجع، فالمذهب أنه لا يقبل في المال، وأنه يقبل في سقوط القطع، فلو رجع بعد قطع بعض اليد، سقط الباقي، فإن كان يرجى برؤه، فذاك وإلا فللمقطوع قطع الباقي لئلا يتأذى به، ولا يلزم الامام ذلك. ولو أقر اثنان بسرقة نصابين، ثم رجع أحدهما، سقط القطع دون الآخر، والرجوع عن الاقرار بقطع الطريق، كالرجوع عن الاقرار بالسرقة، ولو أقر بإكراه أمة على الزنى، ثم رجع، فالمذهب سقوط الحد دون المهر.
فرع إذا أقر ابتداء من غير تقدم دعوى بأنه سرق من زيد الغائب سرقة توجب القطع، فهل يقطع في الحال، أم ينتظر حضور زيد ومطالبته؟ وجهان، أصحهما: الثاني، لأنه ربما حضر، وأقر أنه كان أباحه المال، فيسقط الحد وإن كذبه السارق، والحد يسقط بالشبهة، فتأخيره أولى، ولو بإكراه جارية غائب على الزنى فوجهان، أصحهما: يحد للزنى ولا يؤخر، لأنه لا يتوقف على طلبه، ولو حضر وقال: كنت أبحتها له، لم يسقط الحد، وقال ابن سريج: يؤخر لاحتمال أنه يقر بأنه وقف عليه تلك الجارية، قال الامام: وعلى الأول لو قال المالك: كنت بعتها، أو وهبتها، وأنكر المقر، ينبغي أن لا يسقط الحد، وعلى قياسه ينبغي أن لا يسقط الحد إذا أقر بوقف الجارية، وكذبه المقر.
قلت: ليس الوقف كالبيع، فإنه يصح بلا قبول على المختار. والله أعلم.
وإذا قلنا: لا يقطع حتى يحضر الغائب، فهل يحبس؟ فيه أوجه، أحدها:
نعم، كمن أقر بقصاص لغائب أو صبي، والثاني: إن قصرت المسافة وتوقع قدومه