أحدهما: تجب الدية بكمالها، وإنما سقط القصاص للشبهة، وأظهرهما وبه قطع الأكثرون: تجب نصف دية العمد، أو شبه العمد. ولو منعه الشراب دون الطعام، فلم يأكل المحبوس خوفا من العطش، فمات، فلا قصاص قطعا، ولا ضمان أيضا على الأصح، وبه قطع البغوي، لأنه المهلك نفسه، وقال القفال: يجب، ولو حبسه، وراعاه بالطعام والشراب، فمات في الحبس، فإن كان عبدا، ضمنه باليد، وإن كان حرا، فلا ضمان أصلا، سواء مات حتف أنفه، أو بانهدام سقف، أو جدار عليه، أو بلسع حية ونحوها. ولو حبسه وعراه حتى مات بالبرد، فهو كما لو حبسه، ومنعه الطعام والشراب، ذكره القاضي حسين. ولو أخذ طعامه، أو شرابه، أو ثيابه في مفازة، فمات جوعا، أو عطشا، أو بردا، فلا ضمان، لأنه لم يحدث فيه صنعا.
فرع لو سحر رجلا، فمات، سألناه، فإن قال: قتلته بسحري، وسحري يقتل غالبا، لزمه القصاص، وإن قال: قد يقتل، والغالب أنه لا يقتل، فهو إقرار بشبهة العمد، وإن قال: قصدت غيره، فتأثر به لموافقة الاسم الاسم، فهو إقرار بالخطإ، وفي الحالين دية شبه العمد، والخطأ يكون في ماله، ولا يلزم العاقلة إلا أن يصدقوه، وسيعود ذكر السحر إن شاء الله تعالى في كتاب الديات، ثم في كتاب دعوى الدم، ولنا وجه ضعيف مذكور هناك، أن السحر لا حقيقة له، فلا قصاص فيه.
الطرف الثاني في بيان المزهق. فالفعل الذي له مدخل في الزهوق، إما أن لا يؤثر في حصول الزهوق، ولا في حصول ما يؤثر في الزهوق، وإما أن يؤثر في الزهوق ويحصله، وإما أن يؤثر في حصول ما يؤثر في الزهوق، فأما الأول، فكحفر البئر مع التردي أو التردية، وكالامساك مع القتل، وأما الثاني فكالقد، وحز الرقبة، والجراحات السارية، وأما الثالث، فكالاكراه المؤثر في القد، فالأول شرط، والثاني علة، والثالث سبب، ولا يتعلق القصاص بالشرط، ويتعلق بالعلة، وكذا بالسبب على تفصيل وخلاف سنراه إن شاء الله تعالى.
ثم السبب ثلاثة أضرب: