وعلى هذا هل يعزر في البلد المنفي إليه بضرب وحبس وغيرهما، أم يكفي النفي؟
وجهان.
قلت: الأصح: أنه إلى رأي الامام وما اقتضته المصلحة. والله أعلم.
فرع من اجتمع عليه قتل وصلب، فمات، فهل يجب صلبه؟ وجهان، أحدهما: نعم، لأن القتل والصلب مشروعان، تعذر أحدهما فوجب الآخر، والثاني: لا، وبه قال الشيخ أبو حامد، وينسب إلى النص، لأنه تابع للقتل، فسقط بسقوط المتبوع.
الطرف الثالث في حكم هذه العقوبة وهو أمران:
الأول: السقوط بالتوبة، وقد سبق أن قاطع الطريق إذا هرب، يطلب ويقام ما يستوجبه من حد أو تعزير، فلو تاب قبل القدرة عليه، سقط ما يختص بقطع الطريق من العقوبات على المذهب، وقيل: قولان، وإن تاب بعد القدرة، لم يسقط على المذهب، وقيل: قولان، وهل تؤثر التوبة في إسقاط حد الزنى والسرقة والشرب في حق غير قاطع الطريق، وفي حقه قبل القدرة وبعدها؟ فيه قولان سبقا، الأظهر: لا يسقط، صححه الامام والبغوي وغيرهما، وهو منسوب إلى الجديد لاطلاق آية الزنى، وقياسا على الكفارة، ورجح جماعة من العراقيين السقوط.
قلت: رجح الرافعي في المحرر منع السقوط، وهو أقوى. والله أعلم.
ثم ما يسقط بالتوبة في حق قاطع الطريق قبل القدرة يسقط بنفس التوبة، وأما توبته بعد القدرة، وتوبة الزاني والسارق فوجهان، أحدهما: كذلك، ويكون إظهار التوبة كإظهار الاسلام تحت السيف، والثاني: يشترط مع التوبة إصلاح العمل ليظهر صدقه فيها، ونسب الامام هذا الوجه إلى القاضي حسين، والأول إلى سائر الأصحاب، والذي ذكره جماعة من العراقيين والبغوي والروياني هو ما نسبه إلى القاضي، واحتجوا بظاهر القرآن، قال الله تعالى في قطاع الطريق: * (إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم) * لم يذكر غير التوبة، وقال في الزنى: * (فإن تابا