لزمه القصاص، ولا شئ على الآمر غير الاثم.
فرع لو أكره رجلا على أن يكره ثالثا على قتل رابع، ففعلا، وجب القصاص على الآمر، وفي الثاني والثالث: القولان، لأنهما مكرهان.
فصل إذا أمره السلطان بقتل رجل ظلما، فقتله المأمور، نظر إن ظن المأمور أنه يقتله بحق، فلا شئ على المأمور، لأن الظاهر أنه لا يأمر إلا بحق، ولان طاعة السلطان واجبة فيما لا يعلم أنه معصية، واستحب الشافعي رحمه الله أن يكفر لمباشرته القتل، وأما الآمر، فعليه القصاص، أو الدية والكفارة، وإن علم المأمور أنه يقتله ظلما، فهل ينزل أمره منزلة الاكراه؟ وجهان، ويقال: قولان، أحدهما: لا، وإنما الاكراه بالتهديد صريحا كما في غير السلطان، فعلى هذا لا شئ على الآمر سوى الاثم، ويلزم المأمور القصاص، أو الدية والكفارة، والثاني: ينزل منزلة الاكراه لعلتين، إحداهما: أن الغالب من حالة السطوة عند المخالفة، والثاني: أن طاعته واجبة في الجملة، فينتهض ذلك شبهة، فإذا نزلناه منزلة الاكراه، فعلى الآمر القصاص، وفي المأمور، القولان في المكره، ولو أمره صاحب الشوكة من البغاة، كان كأمر إمام العدل، لأن أحكامه نافذة، ولو أمره غير السلطان بالقتل بغير الحق، كالزعيم والمتغلب، فقيل: نظر، إن لم يخف من مخالفته المحذور، فعلى المأمور القصاص أو الدية والكفارة، وليس على الآمر إلا الاثم، ولا فرق بين أن يعتقده حقا، أو يعرف كونه ظلما، لأنه ليس بواجب الطاعة، وإن كان يخاف من مخالفته المحذور، بأن اعتيد منه ذلك، ففيه الخلاف المذكور في الامام أن المعلوم هل يجعل كالملفوظ به، والقياس جعله كالملفوظ، وإلى ترجيحه مال الغزالي وغيره، وفي أمر السلطان مقتضى ما ذكره الجمهور تصريحا ودلالة لا ينزل منزلة الاكراه، فحصل من هذا أن أمر السلطان من حيث هو سلطان لا أثر له، وإنما النظر إلى خوف المحذور.
فرع لو أمر السيد عبده بقتل رجل ظلما فقتله، فإن كان العبد مميزا لا يرى طاعة السيد واجبة في كل ما يأمره به، فالقصاص على العبد، ولا شئ على السيد