وفي الباب طرفان:
الأول: في الشراب الموجب للحد، فكل ملتزم لتحريم المشروب شرب ما يسكر جنسه مختارا بلا ضرورة ولا عذر، لزمه الحد، فهذه خمسة قيود.
الأول: الملتزم، فلا حد على صبي ومجنون وحربي، والمذهب أن الذمي لا يحد بالخمر، وأن الحنفي يحد بشرب النبيذ وإن كان لا يعتقد تحريمه، ويأتي في الشهادة إن شرب الحنفي النبيذ هل يفسق به وترد شهادته؟ إن شاء الله تعالى.
الثاني: قولنا: شرب ما يسكر جنسه يخرج بلفظ الشرب ما لو احتقن، أو استعط بالخمر، فلا حد، لأن الحد للزجر، ولا حاجة فيه إلى الزجر، وقيل:
يحد، وقيل: يحد في السعوط دون الحقنة، والأول أصح، ويتعلق بكون المشروب مسكرا في جنسه صور:
منها: أنه يدخل فيه النبيذ ودردي الخمر والثخين منها إذا أكله بخبز، أو ثرد فيها وأكل الثريد، أو طبخ بها، وأكل المرق، فيحد بكل ذلك، ولا يحد بأكل اللحم المطبوخ بها، ولا بأكل خبز أو معجون عجن بها على الصحيح فيهما، وعلى هذا قال الامام: من شرب كوز ماء فيه قطرات خمر والماء غالب، لم يحد لاستهلاك الخمر.
الثالث: كون الشارب مختارا، فلا حد على من أوجر قهرا، والمذهب أنه لا يحد من أكره حتى شرب، وذكر ابن كج فيه وجهين.
الرابع: أن لا يكون مضطرا، فلو غص بلقمة، ولم يجد ما يسيغها غير الخمر، وجب عليه إساغتها بالخمر ولا حد، وحكى إبراهيم المروذي في تحريم الإساغة وجهين لعموم النهي، والمذهب الأول، وأما شربها للتداوي والعطش والجوع إذا لم يجد غيرها ففيه أوجه، أصحها والمنصوص وقول الأكثرين: لا يجوز لعموم النهي، ولان بعضها يدعو إلى بعض. والثاني: يجوز كما يجوز شرب