افترسه السبع قبل أن يصل إلى الأرض، ولا فرق في مسألة القد، بين أن يكون القاد ممن يضمن أو ممن لا يضمن، كالحربي، ولو رفع الحوت رأسه، فألقمه فاه، لزمه القصاص بلا خلاف، ولو ألقاه في ماء غير مغرق، فالتقمه حوت، فلا قصاص قطعا، لأنه لم يقصد إهلاكه، ولم يشعر بسبب الهلاك، فأشبه ما لو دفع رجلا دفعا خفيفا، فألقاه، فجرحه بسكين كان هناك لم يعلم به الدافع، فلا قصاص، ولكن تجب في الصورتين دية شبه العمد، كذا ذكره ابن الصباغ والبغوي وغيرهما، وحكاه ابن كج عن الأصحاب، ثم قال: ينبغي أن لا تتعلق به دية كما لا يتعلق به قصاص.
الضرب الثالث: أن يعتدل السبب والمباشرة، كالاكراه، فإذا أكره على القتل، وجب القصاص على الآمر، كما سبق، وفي المأمور قولان، أظهرهما:
وجوب القصاص أيضا، لأنه آثم بالاتفاق بخلاف قتل الصائل، وسواء في جريان القولين كان المكره سلطانا أو متغلبا، وقيل: هما في السلطان، فإن كان متغلبا، وجب القصاص قطعا، فإن أوجبنا القصاص، فآل الامر إلى الدية، فهي عليهما كالشريكين، وللولي أن يقتص من أحدهما، ويأخذ نصف الدية من الآخر، وإن لم نوجب القصاص على المأمور، ففي وجوب نصف الدية، وجهان، أحدهما: لا يجب، تنزيلا له منزلة الآلة، وأصحهما: يجب وهو المنصوص، وبه قطع الأكثرون، فإن أوجبناه، وجبت الكفارة، وحرم الميراث، وهل تكون نصف الدية في ماله أم على عاقلته؟ فيه تردد للامام.
قلت: الأرجح أنه في ماله. والله أعلم.
وإن قلنا: لا دية، وجبت الكفارة على الأصح، لأنه آثم، فإن أوجبنا الكفارة، حرم الإرث، وإلا فوجهان، أصحهما: الحرمان.