كان بطلانه مظنونا، فهو معتبر، وإن كان بطلانه مقطوعا به، فوجهان، أوفقهما لاطلاق الأكثرين: أنه لا يعتبر، كتأويل المرتدين وشبهتهم، والثاني: يعتبر، ويكفي تغليطهم فيه، وقد يغلط الانسان في القطعيات.
فرع الخوارج صنف من المبتدعة يعتقدون أن من فعل كبيرة، كفر وخلد في النار، ويطعنون لذلك في الأئمة، ولا يحضرون معهم الجمعات والجماعات، قال الشافعي وجماهير الأصحاب رضي الله عنهم: لو أظهر قوم رأي الخوارج، وتجنبوا الجماعات، وكفروا الامام ومن معه، فإن لم يقاتلوا وكانوا في قبضة الامام، لم يقتلوا ولم يقاتلوا، ثم إن صرحوا بسب الامام أو غيره من أهل العدل، عزروا، وإن عرضوا، ففي تعزيرهم وجهان. قلت:
أصحهما: لا يعزرون، قاله الجرجاني، وقطع به صاحب التنبيه. والله أعلم.
ولو بعث الامام إليهم واليا فقتلوه، فعليهم القصاص، وهل يتحتم قتل قاتله، كقاطع الطريق، لأنه شهر السلاح أم لا لأنه لم يقصد إخافة الطريق؟ وجهان.
قلت: أصحهما: لا يتحتم. والله أعلم.
وأطلق البغوي أنهم إن قاتلوا، فهم فسقة وأصحاب بهت، فحكمهم حكم قطاع الطريق، فهذا ترتيب المذهب والمنصوص وما قاله الجمهور، وحكى الامام في تكفير الخوارج وجهين، قال: فإن لم نكفرهم، فلهم حكم المرتدين، وقيل:
حكم البغاة، فإن قلنا: كالمرتدين، لم تنفذ أحكامهم.
الخصلة الثانية: أن يكون لهم شوكة وعدد بحيث يحتاج الامام في ردهم إلى الطاعة إلى كلفة، ببذل مال، أو إعداد رجال، ونصب قتال، فإن كانوا أفرادا يسهل ضبطهم، فليسوا بغاة، وشرط جماعة من الأصحاب في الشوكة أن ينفردوا ببلدة، أو قرية، أو موضع من الصحراء، وربما قيل: يشترط كونهم في طرف من أطراف ولاية الامام بحيث لا يحيط بهم أجناده، والأصح الذي قاله المحققون: أنه لا يعتبر