الورثة شيئا إلا بخمسين يمينا، لأنها صارت نفسا، قال القاضي أبو الطيب: تصوير ابن الحداد مبني على أن دعوى الجرح والبينة به تسمعان قبل اندماله، وفيه خلاف، ومفرع على أن الايمان لا تتعدد في الجراحات، فإن قلنا: تتعدد، وحلف مع شاهده خمسين، وإن قلنا: بالتوزيع على قدر الدية، حلف للجائفة مع الشاهد ثلث الخمسين، ثم إذا مات المجروح، وصارت الجراحة نفسا، أقسم الورثة واللوث حاصل بشهادة الشاهد الذي أقامه مورثهم، ولا تحسب يمينه لهم، وقال الخضري: تحسب حتى لو حلف خمسين على قولنا بالتكميل، فلا يمين على الورثة، والصحيح: الأول.
الباب الثالث في الشهادة على الدم صفات الشهود، ونصب الشهادات، وشروطها تستوفى في كتاب الشهادات، لكن ذكر الشافعي رضي الله عنه مسائل تتعلق بالشهادة على الجناية، فراعى معظم الأصحاب ترتيبه، فكل قتل أو جرح يوجب القصاص، لا يثبت إلا بشهادة رجلين يشهدان على نفس القتل أو الجرح، أو إقرار الجاني به، وما لا يوجب إلا الدية، كالخطأ وشبه العمد، وجناية الصبي والمجنون، ومسلم على ذمي، وحر على عبد، وأب على ابن، يثبت بشهادة رجل وامرأتين، وبرجل ويمين، ولو كانت الجناية المدعاة بحيث توجب القصاص، وقال المدعي: عفوت عن القصاص فاقبلوا مني رجلا وامرأتين، أو شاهدا ويمينا لاخذ المال، فهل يقبل ويثبت المال؟
وجهان، الأصح المنصوص: المنع، لأنها في نفسها موجبة للقصاص، ومنهم من قطع بهذا، ومن القسم الأول، موضحة توجب القصاص، ومن الثاني، هاشمة ومأمومة وجائفة تجردت عن الايضاح، فلو كانت هاشمة مسبوقة بإيضاح، فهل يثبت أرش الهاشمة برجل وامرأتين، وبشاهد ويمين؟ النص أنه لا يثبت، ونص فيما لو رمى سهما إلى زيد، فمرق منه إلى غيره، أنه يثبت الخطأ الوارد على الثاني برجل وامرأتين، وبشاهد ويمين، وفيهما طريقان، أحدهما: على قولين، ثبوت الهشم والجناية على الثاني برجل وامرأتين، وبشاهد ويمين، والثاني: المنع، والمذهب تقرير النصين، والفرق أن الهشم المشتمل على الايضاح جناية واحدة، وإذا اشتملت الجناية على ما يوجب القصاص، احتيط لها، ولم يثبت إلا بحجة كاملة،