الثاني: الحد، والحدود في غير الشرب مقدرة بالنص، فمن مات منها، فالحق قتله، فلا ضمان، لكن لو أقيم الحد في حر أو برد مفرطين، ففي الضمان خلاف سبق والمذهب أنه لا ضمان أيضا، وأما حد الشرب، فإن ضرب بالنعال وأطراف الثياب فمات منها، ففي وجوب الضمان وجهان بناء على أنه هل يجوز أن يحد هكذا؟ إن قلنا: نعم، وهو الصحيح فلا ضمان، كسائر الحدود، وإلا فيجب لأنه عدل عن الجنس الواجب، ولو ضرب أربعون جلدة، فمات، ففي الضمان قولان، ويقال: وجهان، أحدهما: يضمن، لأن تقديره بأربعين كان بالاجتهاد، والمشهور: لا ضمان، كسائر الحدود، لأن الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على أن الشارب يضرب أربعين، وفي الصحيح أن رسول الله (ص) جلد في الخمر أربعين، فإن قلنا بالضمان، فهل يجب كل الضمان أم نصفه، أم يوزع على التفاوت بين ألم السياط، والضرب بالنعال، وأطراف الثياب؟ فيه أوجه، أصحها الأول، وإن ضربه أحدا وأربعين، فهل يجب كل الضمان أم نصفه أم جزء من أحد وأربعين جزءا؟ فيه أقوال، أظهرها: الثالث، وإن ضرب اثنين وأربعين وقلنا بالثالث، وجب جزءان من اثنين وأربعين، وعلى هذا القياس، حتى إذا ضرب ثمانين استوى القول الثاني والثالث، ووجب النصف، ولو جلد في القذف أحدا وثمانين، فمات، فهل يجب نصف الدية، أم جزء من أحد وثمانين جزءا منها؟ فيه القولان، ثم إن كانت الزيادة من الجلاد ولم يأمره الامام إلا بالثمانين، فالضمان على اختلاف القولين على الجلاد، وإن أمر الامام بذلك، فالضمان متعلق بالامام، وكذا لو قال الامام: اضرب وأنا أعد، فغلط في العد، فزاد على الثمانين، ولو أمر الامام بثمانين في الشرب، فزاد الجلاد جلدة واحدة، ومات المجلود فأربعة أوجه، أصحها: توزع الدية أحد وثمانون جزءا، يسقط منها أربعون ويجب أربعون على الامام، وجزء على الجلاد، والثاني: يسقط ثلث الدية، ويجب على الامام ثلث، وعلى الجلاد ثلث، والثالث: يسقط نصفها، ويجب على الامام ربع، وعلى الجلاد ربع، والرابع: يسقط نصفها، ويوزع نصفها على أحد وأربعين جزءا:
أربعون على الامام، وجزء على الجلاد.
الثالث: الاستصلاح بقطع سلعة وبالختان وفيه مسائل:
إحداها: في حكم قطع السلعة من العاقل المستقل بأمر نفسه، والسلعة بكسر