في مواضعه، ومنها: لو قطع أصبعه، فداوى جرحه وسقطت الكف، فقال الجاني: تآكل بالدواء، وقال المجني عليه: بل تآكل بسبب القطع، قال المتولي:
نسأل أهل الخبرة، فإن قالوا: هذا الدواء يأكل اللحم الحي والميت، صدق الجاني، وإن قالوا: لا يأكل الحي، صدق المجني عليه، وإن اشتبه الحال، صدق المجني عليه، لأنه أعرف به، ولا يتداوى في العادة بما يأكل. والله أعلم.
باب استيفاء القصاص فيه أطراف:
الأول: فيمن له ولاية الاستيفاء، أما القصاص، فيستحقه جميع الورثة على فرائض الله تعالى، وفي وجه تستحقه العصبة خاصة، وفي وجه يستحقه الوارثون بالنسب دون السبب، حكاهما ابن الصباغ، وهما شاذان، والصحيح الأول وبه قطع الجمهور، ولو قيل: من ليس له وارث خاص، فهل للسلطان أن يقتص من قاتله، أم يتعين، أخذ الدية؟ فيه قولان سبقا في كتاب اللقيط، وإن خلف بنتا، أو جدة، أو أخا لام، فإن قلنا: للسلطان الاستيفاء إذا لم يكن وارث، استوفاه مع صاحب الفرض، وإلا فالرجوع إلى الدية.
فرع لو كان في الورثة غائب، أو صبي، أو مجنون، انتظر حضور الغائب أو إذنه، وبلوغ الصبي، وإفاقة المجنون، وليس للآخرين الانفراد بالاستيفاء.
فرع إذا انفرد صبي، أو مجنون باستحقاق القصاص، لم يستوفه وليه سواء فيه قصاص النفس والطرف، وأما أخذ الولي له الدية، وجواز رد المستحق لها إذا كمل واقتصاصه، فقد ذكرناه في كتابي الحجر واللقيط، ويحبس القاتل إلى أن يبلغ الصبي ويفيق المجنون، ولا يخلى بالكفيل، فقد يهرب، ويفوت الحق،