فأقسم، حبسا حتى يصفا القتل، وكم يقسم؟ فيه الخلاف، ولو ادعى القتل على شخصين، وعلى أحدهما لوث دون الآخر، أقسم المدعي على الذي عليه لوث خمسين، وفي الاقتصاص منه القولان، وحلف الذي لا لوث عليه.
فرع إذا نكل المدعي عن القسامة في محل اللوث، حلف المدعى عليه كما سبق، فإن نكل، فهل ترد اليمين على المدعي؟ ينظر إن ادعى قتلا يوجب القصاص، وقلنا: القسامة لا توجب القصاص، ردت اليمين قطعا، لأنه يستفيد بها ما لا يستفيد بالقسامة، وهو القصاص، وإن كان قتلا لا يوجب القصاص، أو يوجبه وقلنا: القسامة توجبه، فقولان، أحدهما: لا ترد، لأنه نكل عن اليمين في هذه الخصومة، وأظهرهما: الرد، لأنه إنما نكل عن يمين القسامة، وهذه غيرها، والسبب الممكن من تلك هو اللوث، ومن هذه نكول المدعى عليه، ولو كانت الدعوى في غير صورة اللوث، ونكل المدعى عليه عن اليمين، والمدعي عن اليمين المردودة، ثم ظهر لوث وأراد المدعي أن يقسم فقد أجروا القولين في تمكينه منه، ولو أقام المدعي شاهدا في دعوى بمال، ونكل عن الحلف معه، ونكل المدعى عليه عن اليمين المعروضة عليه، فأراد المدعي أن يحلف اليمين المردودة، عاد القولان هكذا أطلقوه، ومقتضى ما ذكرنا في أول المسألة أن يقال: إن جرى ذلك في دعوى قتل يوجب قصاصا، حلف اليمين المردودة قطعا، لأنه لا يستفيد باليمين مع الشاهد القصاص، ويستفيد باليمين المردودة.
فرع إذا حلف المدعى عليه تخلص عن المطالبة، ولا يطالب أهل الموضع الذي وجد فيه القتيل، ولا يأتي ذلك الموضع ولا عاقلته ولا عاقلة الحالف ولا غيرهم سواء كان المدعى قتلا عمدا أم خطأ، وإذا حلف المدعي عند نكول المدعى عليه، فإن كان المدعى قتلا عمدا، ثبت القصاص، لأن اليمين المردودة كالاقرار، أو كالبينة، والقصاص يثبت بكل منهما، وإن كان المدعى خطأ، أو شبه عمد، وجبت الدية، ثم قيل: إن قلنا: اليمين المردودة كالبينة، فهي على عاقلته، وإن قلنا: كالاقرار، ففي ماله، وقيل: في ماله مطلقا، لأنها إنما تكون كالبينة في حق المتداعيين.