الأول: ما يولد المباشرة توليدا حسيا، وهو الاكراه، فإذا أكرهه على قتل بغير حق، وجب القصاص على الآمر على الصحيح المنصوص، وبه قطع الجمهور، وعن ابن سريج أنه لا قصاص، لأنه متسبب، والمأمور مباشر آثم بفعله، والمباشرة مقدمة، وقد سبق بيان حقيقة الاكراه في كتاب الطلاق، والذي مال إليه المعتبرون هنا ورجحوه، أن الاكراه على القتل لا يحصل إلا بالتخويف بالقتل، أو ما يخاف منه التلف، كالقطع والجرح والضرب الشديد بخلاف الطلاق، وحكم الاكراه الصادر من الامام أو نائبه أو المتغلب سواء فيما ذكرناه.
الضرب الثاني: ما يولدها شرعا وهو الشهادة، فإذا شهدوا على رجل بما يوجب قتله قصاصا، أو بردة، أو زنى وهو محصن، فحكم القاضي بشهادتهم وقتله بمقتضاها، ثم رجعوا وقالوا: تعمدنا وعلمنا أنه يقتل بشهادتنا، لزمهم القصاص، ولو شهدوا بما يوجب القطع قصاصا، أو في سرقة، فقطع، ثم رجعوا وقالوا: تعمدنا، لزمهم القطع، وإن سرى فعليهم القصاص في النفس، وإن رجع الشهود وقالوا: لم نعلم أنه يقتل بقولنا، أو رجع المزكي أو القاضي أو الوالي وحده أو مع الشهود، فسيأتي بيان كل ذلك في كتاب الشهادات إن شاء الله تعالى.
وإنما يجب القصاص على الشهود بالرجوع واعترافهم بالتعمد، لا بكذبهم، حتى لو تيقنا كذبهم بأن شاهدنا المشهود بقتله حيا، فلا قصاص عليهم لاحتمال أنهم لم