دعوى الغصب والاتلاف والسرقة، وأخذ الضالة على أحد رجلين أو رجال، ولا يجري في دعوى قرض وبيع سائر المعاملات، لأنها تنشأ باختيار المتعاقدين، وشأنها أن يضبط كل واحد منهما صاحبه، هذا هو المذهب في الصورتين، وقيل بطرد الخلاف في المعاملات، وقيل بقصره على دعوى الدم لعظم خطرها، فلو لم يكن الجماعة التي ادعى عليهم القتل حاضرين، وطلب إحضارهم، ففي إجابته الوجهان، ولو قال: قتله أحدهم، ولم يطلب إحضارهم، ليسألوا، ويعرض عليهم اليمين، لم يحضرهم القاضي، ولم يبال بكلامه، هكذا ذكره المتولي، وذكر أن الوجهين فيما إذا تعلقت الدعوى بواحد من جماعة محصورين، فأما إذا قال: قتله واحد من أهل القرية، أو المحلة وهم لا ينحصرون، وطلب إحضارهم، فلا يجاب، لأنه يطول فيه العناء على القاضي، ويتعطل زمانه في خصومة واحدة، وتتأخر حقوق الناس.
الشرط الثاني: أن تكون الدعوى مفصلة، أقتله عمدا أم خطأ، أم شبه عمد، منفردا أم مشارك غيره، لأن الاحكام تختلف بهذه الأحوال، ويتوجه الواجب تارة على العاقلة، وتارة على القاتل، فلا يعرف من يطالب إلا بالتفصيل، وفيه وجه سنذكره إن شاء الله تعالى، أنه يجوز كون الدعوى مجهولة، فعلى الصحيح لو أجمل الولي فوجهان، أحدهما: يعرض القاضي عنه، ولا يستفصل، لأنه ضرب من التلقين، والثاني وهو الصحيح المنصوص، وبه قطع الجمهور: يستفصل، وربما وجد في كلام الأئمة ما يشعر بوجوب الاستفصال، وإليه أشار الروياني، وقال الماسرجسي: لا يلزم الحاكم أن يصحح دعواه، ولا يلزمه أن يستمع إلا إلى دعوى محررة، وهذا أصح، ثم إذا قال: قتله منفردا أو عمدا ووصف العمد أو خطأ، وطالب المدعى عليه بالجواب، وإن قال: قتله بشركة، سئل عمن شاركه، فإن ذكر جماعة لا يمكن اجتماعهم على القتل، لغا قوله ودعواه، وإن ذكر جماعة يتصور اجتماعهم، ولم يحضرهم، أو قال: لا أعرف عددهم، فإن ادعى قتلا يوجب الدية بأن قال: قتله خطأ، أو شبه عمد، أو تعمد وفي شركائه مخطئ، لم تسمع دعواه