يتعمدوا، ولا يلزمهم القصاص بالرجوع إلا إذا أخرجت شهادتهم مباشرة الولي عن كونها عدوانا، أما إذا اعترف الولي بكونه عالما بكذبهم، فلا قصاص عليهم، وعلى الولي القصاص، رجعوا أم لم يرجعوا.
الضرب الثالث: ما يولدها توليدا عرفيا، كتقديم الطعام المسموم، فإذا أوجروه سما صرفا، أو مخلوطا وهو مما يقتل غالبا، سواء كان موحيا أو غير موح، فمات، لزمه القصاص، وإن كان لا يقتل غالبا وقد يقتل فهو شبه عمد، فلا قصاص على المشهور، وحكى ابن كج قولا: إنه يجب القصاص، لأن للسم نكاية في الباطن كالجرح، فعلى المشهور لو كان السم لا يقتل غالبا، لكن أوجره ضعيفا بمرض أو غيره ومثله يقتل مثله غالبا، وجب القصاص، ولو قال المؤجر: كان مما لا يقتل غالبا، ونازعه الولي، فالقول قول المؤجر بيمينه، فإن ساعدته بينة، فلا يمين عليه، وإن أقام الولي بينة على ما يقوله، وجب القصاص، ولو اتفقا على أنه كان من هذا السم الحاضر، وشهد عدلان أنه يقتل غالبا، وجب القصاص، ولو قال:
لم أعلم أنه سم، أو لم أعلم أنه يقتل غالبا، ونازعه الولي، فهل يصدق المؤجر؟
قولان، قال الروياني: فيما إذا قال: لم أعلم كونه قاتلا، أظهرهما: لا يصدق، فيجب القصاص، ولو لم يوجره السم القاتل، لكن أكرهه على شربه، فشربه، قال الداركي وغيره: في وجوب القصاص قولان، أظهرهما: الوجوب، والوجه أن يكون هذا كإكراهه على قتل نفسه، وسيأتي إن شاء الله تعالى.
فرع لو ناوله الطعام المسموم وقال: كله، أو قدمه إليه وضيفه به، فأكله، ومات به، فإن كان صبيا أو مجنونا، لزمه القصاص، سواء قال لهما: هو