يندفع بالسوط والعصا، ولم يجد المصول عليه إلا سيفا أو سكينا، فالصحيح أن له الضرب به، لأنه لا يمكنه الدفع إلا به ولا يمكن نسبته إلى التقصير بترك استصحاب سوط، والمعتبر في حق كل شخص حاجته، ولذلك نقول: الحاذق الذي يحسن الدفع بأطراف السيف من غير جرح يضمن إن جرح، ومن لا يحسن، لا يضمن بالجرح، ولو قدر المصول عليه على الهرب، أو التحصن بموضع حصين، أو على الالتجاء إلى فئة هل يلزمه ذلك، أم له أن يثبت ويقاتل؟ فيه اختلاف نص، وللأصحاب طريقان، أصحهما: على قولين، أظهرهما: يجب الهرب، لأنه مأمور بتخليص نفسه بالأهون، والطريق الثاني: حمل نص الهرب على من تيقن النجاة بالهرب، والآخر على من لم يتيقن.
فرع عض شخص يده، أو عضوا آخر، فليخلصه بأيسر الممكن، فإن أمكن رفع لحييه، وتخليص ما عضه، فعل، وإلا ضرب شدقه ليدعه، فإن لم يمكنه وسل يده، فسقطت أسنانه، فلا ضمان، وسواء كان العاض ظالما أو مظلوما، لان العض لا يجوز بحال، ومتى أمكنه التخلص بضرب فمه، لا يجوز العدول إلى غيره، فإن لم يمكنه إلا بعضو آخر، بأن يبعج بطنه، أو يفقأ عينه، أو يعصر خصييه، فله ذلك على الصحيح، وقيل: ليس له قصد عضو آخر.
فصل: أما حكم الدفع، فقد ذكرنا أنه جائز، وهل يجب أم يجوز الاستسلام وترك الدفع، ينظر إن قصد أخذ المال، أو إتلافه ولم يكن ذا روح، لم يجب الدفع، لأن إباحة المال جائزة، وإن قصد أهله، وجب عليه الدفع بما أمكنه، لأنه لا مجال فيه، وشرط البغوي للوجوب أن لا يخاف على نفسه، وإن قصد نفسه، نظر إن كان كافرا، وجب الدفع، وأشار الروياني إلى أنه لا يجب، بل يستحب وهو غلط، والصواب الأول، وبه قطع الأصحاب، وإن كان بهيمة،