فإن كانت مدة الامساك على الفم قصيرة لا يموت مثله في مثلها غالبا، فهو شبه عمد.
فرع لو ضربه اليوم ضربة، وغدا ضربة، وهكذا فرق الضربات حتى مات، فوجهان حكاهما ابن كج، لأن الغالب السلامة عند تفريق الضربات، وقال المسعودي: لو ضربه ضربة وقصد أن لا يزيد، فشتمه، فضربه ثانية، ثم شتمه، فضربه ثالثة حتى قتله، فلا قصاص لعدم الموالاة، وينبغي أن لا ينظر إلى صورة الموالاة ولا تقدر مدة التفريق، بل يعتبر أثر الضربة السابقة والآلام الحاصلة بها، فإن بقيت ثم ضربه أخرى، فهو كما لو والى.
فرع الضرب بجمع الكف، كالضرب بالعصا الخفيفة.
فرع لو سقاه دواء أو سما لا يقتل غالبا، لكنه يقتل كثيرا، فهو كغرز الإبرة في غير مقتل، لأن في الباطن أغشية رقيقة تنقطع به، وفي إلحاقه بالمثقل احتمال.
فرع إذا حبسه في بيت فمات جوعا، أو عطشا، نظر، إن كان عنده طعام وشراب فلم يتناوله خوفا أو حزنا، أو أمكنه طلبه ولو بالسؤال، فلم يفعل، لم يجب على حابسه قصاص ولا ضمان، لأن المحبوس قتل نفسه، وإن منعه الطعام والشراب، ومنعه الطلب حتى مات، نظر، إن مضت مدة يموت مثله فيها غالبا بالجوع أو العطش، وجب القصاص، وتختلف المدة باختلاف حال المحبوس قوة وضعفا، والزمان حرا وبردا، وإن لم تمض هذه المدة، ومات، فإن لم يكن به جوع أو عطش سابق، فهو شبه عمد، وإن كان به بعض جوع أو عطش، ففي وجوب القصاص ثلاثة أقوال، أظهرها: أنه إن علم الحابس جوعه السابق، لزمه القصاص، وإلا فلا، والثاني: يجب القصاص في الحالين، والثالث: عكسه، وشبهوا الجاهل بمن دفع رجلا دفعا خفيفا، فسقط على سكين وراءه، والدافع جاهل بها، لا قصاص عليه، فإن أوجبنا القصاص، وجبت دية عمد بكمالها إن كان عالما، ودية شبه عمد إن كان جاهلا، وإن لم نوجب القصاص، فقولان،