وفي الباب أربعة أطراف:
الأول: في محل القسامة، وهو قتل الحر في محل اللوث، فهذه ثلاثة قيود، الأول: القتل، فلا قسامة في إتلاف المال، ولا فيما دون النفس من الجروح والأطراف، بل القول فيها قول المدعى عليه بيمينه، وإن كان هناك لوث، لأن النص ورد في النفس، وهي أعظم من الأطراف، ولهذا اختصت بالكفارة، فلا تلحق بها الأطراف، وحكى الروياني وجها في الأطراف، وغلط قائله، فعلى الصحيح لو جرح مسلم، فارتد، ثم مات بالسراية، فلا قسامة، فلو عاد إلى الاسلام، جرت القسامة، سواء أوجبنا كمال الدية أم لا، لأن الواجب هنا بدل النفس، وكذا الحكم فيما لو جرح ذمي، فنقض عهده، ثم مات، أو جدد العهد ثم مات.
القيد الثاني: كون القتيل حرا، فلو قتل العبد، وهناك لوث، فادعى السيد على عبد، أو حر أنه قتله، فهل يقسم السيد؟ فيه طريقان، أشهرهما: على القولين في أن بدل العبد هل تحمله العاقلة؟ إن قلنا: لا، فقد ألحقناه بالبهيمة، فلا قسامة، وإن قلنا: نعم وهو الأظهر، أقسم السيد وهو المنصوص، والثاني:
يقسم قطعا، لأن القسامة تحفظ الدماء، وهذه الحاجة تشمل العبد، كالقصاص والكفارة، والمدبر والمكاتب وأم الولد في هذا كالقن، فإذا أقسم السيد، فإن كانت الدعوى على حر، أخذ الدية من ماله في الحال إن ادعى عمدا محضا، وإن ادعى خطأ، أو شبه عمد، أخذها من عاقلته في ثلاث سنين، وإن كانت الدعوى على عبد، فإن ادعى العمد، ففي القصاص القولان في ثبوته بالقسامة، فإن منعناه وهو الأظهر، أو ادعى خطأ، أو شبه عمد، تعلقت القيمة برقبته.
الثالث: كونه في محل اللوث، فإن لم يكن لوث، لم يبدأ بيمين المدعي، واللوث قرينة تثير الظن وتوقع في القلب صدق المدعي وله طرق:
منها: أن يوجد قتيل في قبيلة، أو حصن، أو قرية صغيرة، أو محلة منفصلة عن البلد الكبير، وبين القتيل وبين أهلها عداوة ظاهرة فهو لوث في حقهم، فإذا ادعى وليه القتل عليهم، أو على بعضهم، كان له أن يقسم، ويشترط أن لا يساكنهم غيرهم، وقيل: يشترط أن لا يخالطهم غيرهم، حتى لو كانت القرية بقارعة طريق يطرقها التجار والمجتازون وغيرهم، فلا لوث، والصحيح أن هذا ليس بشرط.