فصل فيما إذا جرى سبب وقدر المقصود على دفعه وفيه مسائل:
إحداها: جرحه جراحة مهلكة، فلم يعالجها المجروح حتى مات، وجب القصاص على الجارح، لأن مجرد الجراحة مهلك، بخلاف ما لو حبسه والطعام عنده فلم يأكل حتى مات، لأن الحبس بمجرده ليس مهلكا.
الثانية: غرقه في ماء، فإن أمسكه فيه حتى مات، أو تركه وفيه حياة، ولكن تألم به، وبقي متألما حتى مات، فعليه القصاص، وإن ألقاه في الماء، فمات به، نظر إن كان الماء بحيث لا يتوقع الخلاص منه كلجة البحر التي لا تنفع فيها السباحة، وجب القصاص، سواء كان الملقى يحسن السباحة أم لا، وإن كان يتوقع الخلاص منه، فإن كان قليلا لا يعد مثله مغرقا، بأن كان راكدا في موضع منبسط، فمكث الملقى فيه مضطجعا، أو مستلقيا حتى هلك، فلا قصاص ولا دية، فإنه المهلك نفسه، ومثله لو فصده فلم يعصب نفسه حتى مات، لأن الدفع موثوق به، لكن لو كتفه وألقاه على هيئة لا يمكنه الخلاص، فعليه القصاص، وإن كان يعد مغرقا كالأنهار الكبار التي لا يخلص منها إلا بالسباحة، فإن كان الملقى مكتوفا، أو صبيا، أو زمنا، أو ضعيفا، أو قويا لا يحسن السباحة، وجب القصاص، وإن كان يحسنها، فمنعه منها عارض موج، أو ريح، فلا قصاص، ولكنه شبه عمد، وإن ترك السباحة بلا عذر، حزنا أو لجاجا، ففي وجوب الدية وجهان، أو قولان، أصحهما: لا تجب، وقيل: لا تجب قطعا، وقيل: عكسه، ولا قصاص على المذهب، وبه قطع الجمهور، وقيل: يجب إن أوجبنا الدية.
المسألة الثالثة: لو ألقاه في نار لا يمكنه الخلاص منها، لعظمها أو كونها في وهدة، أو كونه مكتوفا، أو زمنا، أو صغيرا، فمات فيها، أو خرج منها متأثرا متألما، وبقي متألما إلى أن مات، فعليه القصاص، وإن أمكنه التخلص، فلم يفعل حتى هلك، فلا تجب الدية على الأظهر، ولا قصاص على الصحيح،