وأصلحا فأعرضوا عنهما) * وفي السرقة: * (فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح) * قال الامام: معرفة إصلاح العمل بأن يمتحن سرا وعلنا، فإن بدا الصلاح، أسقطنا الحد عنه، وإلا حكمنا بأنه لم يسقط، قال الامام: وهذا مشكل، لأنه لا سبيل إلى حقيقته، وإن خلي، فكيف يعرف صلاحه، ويشبه أن يقال تفريعا على هذا: إذا أظهر التوبة، امتنعنا من إقامة الحد، فإن لم يظهر ما يخالف الصلاح، فذاك، وإن ظهر، أقمنا عليه الحد، وقد ذكرنا في باب حد الزنى في موضع القولين في سقوط الحد بالتوبة طريقين، أحدهما: تخصيصهما بمن تاب قبل الرفع إلى القاضي، فإن تاب بعد الرفع، لم يسقط قطعا، والثاني: طردهما في الحالين، وقد يرجع هذا الخلاف إلى أن التوبة بمجردها تسقط الحد، أم يعتبر الاصلاح، إن اعتبرناه اشترط مضي زمن يظهر به الصدق، فلا تكفي التوبة بعد الرفع.
فرع إذا تاب قاطع الطريق قبل القدرة، فإن كان قد قتل، سقط عنه انحتام القتل، فللولي أن يقتص، وله العفو هذا هو المذهب، وفيه وجه شاذ يسقط القصاص، فلا يبقى عليه شئ أصلا، وحكي وجه أنه يسقط بالتوبة القصاص وحد القذف، لأنهما يسقطان بالشبهة، كحدود الله تعالى، ونقله ابن القطان في القذف قولا قديما، وليس بشئ، وإن كان قد قتل وأخذ المال، سقط الصلب، وانحتام القتل، وبقي القصاص، وضمان المال، وفي القصاص ما ذكرنا، وإن كان قد أخذ المال، سقط قطع الرجل، وكذا قطع اليد على المذهب.
الأمر الثاني في حكم قتله، فإذا قتل قاطع الطريق خطأ، بأن رمى شخصا فأصاب غيره، أو شبه عمد، لم يلزمه القتل، وتكون الدية على عاقلته، وإن قتل عمدا، فقد سبق أنه يتحتم قتله، واختلفوا في حكم قتله، فقالت طائفة وهو الأصح: هذا قتل فيه معنى القصاص ومعنى الحدود، لأنه في مقابلة قتل ولكن لا يصح العفو عنه ويتعلق استيفاؤه بالسلطان، وما المغلب من المعنيين؟ فيه قولان، وقال آخرون: هل يتمحض حقا لله تعالى أم فيه أيضا حق آدمي؟ قولان، أظهرهما: الثاني، ويقال على هذا القول: أصل القتل في مقابلة القتل، والتحتم