الثالثة: الصحيح الذي قطع به الجمهور أن الرجم لا يؤخر للمرض، لان نفسه مستوفاة، فلا فرق بينه وبين الصحيح، وقيل: إن ثبت بالاقرار، أخر حتى يبرأ، لأنه ربما رجع في أثناء الرمي فيعين ذلك على قتله، ومثل هذا الخلاف يعود في أنه هل يرجم في شدة الحر والبرد؟ وإن كان الواجب الجلد، فإن كان المرض مما يرجى، زواله، أخر حتى يبرأ، وكذا المحدود والمقطوع في حد وغيره لا يقام عليه حد آخر حتى يبرأ، وفي وجه: لا يؤخر، بل يضرب في المرض بحسب ما يحتمله من ضرب بعثكال وغيره، ولو ضرب كما يحتمله، ثم برأ هل يقام عليه حد الأصحاء؟ وجهان حكاهما ابن كج وليكونا مبنيين على أنه هل تؤخر إقامة الجلد أم تستوفى بحسب الامكان؟ إن قلنا بالأول، فالذي جرى ليس بحد، فلا يسقط كما لو جلد المحصن لا يسقط الرجم، وإن قلنا بالثاني، لم يعد الحد، وإن كان المرض مما لا يرجى زواله، كالسل والزمانة، أو كان مخدجا وهو الضعيف الخلقة الذي لا يحتمل السياط، لم يؤخر إذ لا غاية تنتظر، ولا يضرب بالسياط، بل يضرب بعثكال عليه مائة شمراخ، وهو الغصن ذو الفروع الخفيفة، ولا يتعين العثكال، بل له الضرب بالنعال وأطراف الثياب، كذا حكاه ابن الصباغ والروياني وغيرهما، فلو كان على الغصن مائة فرع، ضرب به دفعة واحدة، وإن كان عليه خمسون، ضرب به مرتين، وعلى هذا القياس، ولا يكفي الوضع عليه، بل لا بد مما يسمى ضربا، وينبغي أن تمسه الشماريخ، أو ينكبس بعضها على بعض لثقل الغصن، ويناله الألم، فإن لم تمسه، ولا انكبس بعضها على بعض، أو شك فيه، لم يسقط الحد، وفي النهاية وجه ضعيف أنه لا يشترط الايلام، ولا تفرق السياط على الأيام، وإن احتمل التفريق، بل يقام عليه الممكن ويخلى سبيله، ولو كان لا يحتمل السياط المعتبرة في جلد الزنى، وأمكن ضربه بقضبان وسياط خفيفة فقد تردد فيه الامام وقال: ظاهر كلام الأصحاب أنه يضرب بالشماريخ، والذي أراه أنه يضرب بالأسواط، لأنه أقرب إلى صور الحد، ولو برأ قبل أن يضرب بالشماريخ، أقيم عليه حد الأصحاء، وإن برأ بعد، لم يعد عليه، وفي إقامة الضرب بالشماريخ مقام الضربات والجلد بالسياط مزيد كلام نذكره في الايمان إن شاء الله تعالى.
فرع يؤخر قطع السرقة إلى البرء، ولو سرق من لا يرجى زوال مرضه، قطع على الصحيح، لئلا يفوت الحد، ولو وجب حد القذف على مريض، قال ابن