فرع إذا طلب الكافر الأمان ليسمع كلام الله تعالى، وجبت إجابته قطعا كما سبق، قال الامام: وهل يمهل لذلك أربعة أشهر أم يقال: إذا لم يفصل الامر بمجالس يحصل فيها البيان التام يقال له: الحق بمأمنك؟ فيه تردد أخذته من فحوى كلام الأصحاب، والأصح: المنع.
الطرف الثاني في أحكامها فمتى فسد العقد لزيادة المدة، أو لالتزام مال أو غيرهما، لا يمضى بل يجب نقضه، لكن لا يجوز اغتيالهم، بل يجب إنذارهم وإعلامهم، وإذا قوع صحيحا، وجب الوفاء بالكف عنهم إلى انقضاء المدة، أو صدور خيانة منهم تقتضي الانتقاض، وإذا مات الامام الذي عقدها، أو عزل، وجب على الامام الذي بعده إمضاؤه، فإن رآه فاسدا، قال الروياني: إن كان فساده من طريق الاجتهاد، لم يفسخه، وإن ان بنص أو اجماع، فسخه، وينبغي للامام إذ هادن أن يكتب عقد الهدنة ويشهد عليه ليعمل به من بعده، ولا بأس أن يقول فيه: لكم ذمة الله تعالى وذمة رسوله (ص) وذمتي، ومتى صرحوا بنقض العقد، أو قاتلوا المسلمين، أو آووا عينا عليهم، أو كاتبوا أهل الحرب، أو قتلوا مسلما، أو أخذوا مالا، أو سبوا رسول الله (ص)، انتقض عهدهم، ولا يفتقر إلى أن يحكم الحاكم بنقضه، قال الامام: والمضرات التي اختلف في انتقاض عقد الذمة بها تنقض الهدنة بلا خلاف، لأن الهدنة ضعيفة غير متأكدة ببذل الجزية، وإذا انتقض عهدهم، جاز قصد بلدهم وتبييتهم والإغارة عليهم إن علموا أن ما فعلوه ناقض، وكذا إن لم يعلموا على الأصح، وقيل: لا يقاتلون إلا بعد إنذارهم، وينبغي أن يقال: إذا لم يعلموا أنه خيانة لا ينتقض العهد إلا إذا كان المفعول مما لا يشك في مضادته للهدنة، كالقتال، ثم ما ذكرنا من قصدهم والإغارة عليهم هو إذا كانوا في بلادهم، فأما من دخل دارنا بأمان أو مهادنة، فلا يغتال وإن انتقض عهده، بل يبلغ المأمن، هذا إذا نقض جميعهم العهد، فإن نقضه بعضهم، نظر إن لم ينكر الآخرون على الناقضين بقول ولا فعل، بل ساكنوهم وسكتوا، انتقض عهدهم أيضا، وإن أنكر بقول أو فعل، بأن اعتزلوهم أو بعثوا إلى الامام بأنا مقيمون على العهد، لم ينتقض، هكذا أطلقه جماهير الأصحاب، ووراءه شيئان غريبان، أحدهما: قال الامام: لو بدت خيانة بعضهم وسكت الآخرون، كان للامام أن ينبذ إليهم، والثاني في كتاب ابن