والثالث: يتحتم في اليدين والرجلين دون الانف والاذن والعين وغيرها، قال ابن الصباغ: لو قطع يد رجل ثم قتله، فإن قلنا: الجراحة لا تتحتم، فهو كما لو قطعه في غير المحاربة ثم قتله فيها، وسيأتي إن شاء الله تعالى. وإن قلنا: يتحتم، قطع ثم قتل. ولو قطع في المحاربة وأخذ المال، نظر إن قطع يمينه، فإن قلنا: لا يتحتم وعفا، أخذ دية اليد، وقطعنا يمين المحارب ورجله اليسرى حدا، وإن لم يعف، أو قلنا: يتحتم، قطعت يمينه بالقصاص وقطعت رجله حدا، كما لو قطع الطريق ولا يمين له، وإن قطع يساره، فإن قلنا: لا يتحتم وعفا، أخذ الدية، وقطعت يده اليمنى ورجله اليسرى، وإن لم يعف، أو قلنا: بالتحتم، قطعت يساره، وتؤخر قطع اليمين والرجل اليسرى حتى تندمل اليسار، ولا يوالي بين عقوبتين.
فصل يوالي على قاطع الطريق بين قطع يده ورجله، لأن قطعهما عقوبة واحدة، كالجلدات في الحد الواحد، وإن كان مقطوع اليمين، قطعت رجله اليسرى ولا تجعل اليد اليسرى بدلا عن اليمنى، فإن كان مفقود اليد اليمنى والرجل اليسرى، قطعت يده اليسرى ورجله اليمنى، ولو قطع يسار انسان وسرق، قطعت يساره قصاصا وأمهل إلى الاندمال ثم تقطع يمينه عن السرقة ولا يوالي، لأنهما عقوبتان مختلفتان، وقدم القصاص، لأن العقوبة التي هي حق آدمي آكد من التي هي حق الله تعالى، لأنها تسقط بما لا تسقط به عقوبة الآدمي بخلاف الحقوق المالية، فإن فيها ثلاثة أقوال في أنه يقدم حق الله تعالى أم الآدمي، أم يستويان لاستوائهما في التأكد وعدم السقوط بالشبهة، ولو وجب قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى بقطع الطريق، وقطع اليد اليسرى بقصاص، قدم قطع اليسرى قصاصا، ثم يمهل إلى الاندمال، ثم يقطع العضوان لقطع الطريق، ولو استحقت يمينه بقصاص وقطع للطريق، فإن عفا مستحق القصاص، قطعت يمينه مع رجله اليسرى حدا، وإلا فيقدم القصاص، وتقطع الرجل اليسرى عن الحد، وتقطع عقيب القصاص، وقيل: يمهل بها إلى الاندمال، والأول أصح، ولو استحقت يده اليمنى ورجله اليسرى بقصاص وقطع طريق، نظر إن عفا مستحق القصاص، قطع العضوان عن الحد، وإن اقتص فيهما، سقط الحد لفوات محله الذي تعلق به، ولو قطع العضوين في قطع الطريق وأخذ المال، فإن قلنا: الجراحة في قطع الطريق لا