نصف ضوئهما راجع ما أجملناه في تبيينهما آنفا حول امتحان العين بمقاييس عصرنا بأن نظره يساوى 6 على 6 فصار يساوى 6 على 12 وجبت عليه نصف الدية، وإن لم يعرف قدر النقصان، وإنما ساء إدراكه وجبت عليه حكومة.
وإن نقص بصره في إحدى العينين وجبت عليه من دية تلك العين بقدر ما نقص من ضوئها إن أمكن معرفة ذلك.
قال الشافعي رضي الله عنه: والامكان أن نعصب عينه العليلة ونطلق الصحيحة ويقام له شخص على ربوة من الأرض، ثم يقال له انظر إليه ثم يتباعد الشخص عنه إلى أن يأتي إلى غاية يقول لا أدرى إلى أكثر منها، ثم يعلم على ذلك الموضع ويغير عليه ثياب الشخص لأنه متهم، فإذا غير عليه وأخبر به علمنا صحة ذلك، ثم نطلق العين العليلة ونعصب الصحيحة ونوقت له الشخص على ربوة ثم لا يزال يبعد عنه إلى الغاية التي يقول أبصره إليها ولا أبصره إلى أكثر منها، فنعلم على ذلك الموضع ويوقف له الشخص من جميع الجهات، فإن أخبر أنه يبصره على أكثر من تلك الغاية أو أقل علمنا كذبه، لان النظر لا يختلف باختلاف الجهات فإذا اتفقت الجهات علمنا صدقه، ثم ينظر كم الغاية الثانية من الأولى فيؤخذ بقدر ما نقص من الدية.
(فرع) وإن جنى على عين صبي أو مجنون فقال الطبيب الشرعي: قد زال ضوءها ولا يرجى عوده، ففيه قولان. أحدهما يحكم على الجاني بموجب الجناية لان الجناية قد وجدت فيتعلق بها موجبها. والثاني لا يحكم عليه بموجبها حتى يبلغ الصبي ويفيق المجنون ويدعى زوال الضوء لجواز أن الضوء لم يذهب، وإن جنى على عين رجل فشخصت، وأي لا يستطيع أن يطرف إذا ارتفعت أو احولت ولم يذهب من ضوئها شئ، وجب عليه الحكومة لأنه أذهب جمالا من غير ذهاب منفعة.
وإن قلع عينا قائمة، وهي العين التي ذهب ضوءها وبقيت حدقتها وجبت عليه الحكومة دون الدية، لأنه أذهب جمالا من غير منفعة.
قوله (ويجب في الجفون الدية الخ) قلت: أجفان العينين أربعة واسمها الأشفار وفى جميعها الدية، لان فيها منفعة الجنس، وفى كل واحد منها ربع الدية