فإن قلع عينا عليها بياض فإن كان على غيرا لناظر (القرنية) أو على الناظر إلا أنه خفيف يبصر بها من تحته وجب عليه جميع ديتها، لان البياض لا يؤثر في منفعتها، وإنما يؤثر في جمالها، فهو كما لو قطع يدا عليها ثآليل، فإن كان لا يبصر لم تجب عليه الدية، وإنما عليه الحكومة كما لو قطع بدا شلاء، وإن نقص بصرها بالبياض وجب عليه من ديتها بقدر ما بقي من بصرها.
(تنبيه) أعلم أن العين الكاملة الابصار مقياسها عند الأطباء 6 على 6 ودونها 6 على 9 ثم 6 على 12 ثم 6 على 18 ثم 6 على 24 ثم 6 على 60، ولها علامات مرسومة على لوحة مثبتة على حائط يبعد عند الكشف من مترين إلى أربعة أمتار فيها أقواس كبيرة من أعلاها ثم تأخذ في الصغر حتى تبلغ في الدقة الحد الذي يجعل رؤيتها دليلا على أن العين كاملة الابصار، وبهذا المقياس يمكن أن نكتفي به عن الصور التي رسمها المصنف منه وقوف شخص على بعد ثم اقترابه، وما إلى ذلك مما لم يكن له بديل أدق منه في عصرهم.
أما وقد وصل الكشف الطبي في زماننا إلى الاطلاع على قاع العين بالعدسات والآلات الحديثة، فإن الاعتبار يكون بالوسائل الحديثة وبها نأخذ، على أن الصورة التي مثل بها الإمام الشافعي رضي الله عنه لا يمكن أن يقوم مقامها صورة أخرى للاثبات أو النفي عند التحقيق في دعوى المجني عليه وهي في الفرع التالي. (فرع) إذا جنبي على عينه فذهب ضوؤها فأخذت منه الدية ثم عاد ضوؤها وجب رد ديتها، لأنا علمنا أنه لم يذهب، وان ذهب ضوؤها وقال رجلان من أطباء العيون برجاء عودته فإن لم يقدر ذلك إلى مدة لم ينتظر، وان قدراه إلى مدة انتظر، فإن عاد الضوء لم تجب الدية، وان انقضت المدة ولم يعد الضوء أخذ الجاني بموجب الجناية.
وإن مات المجني عليه قبل انقضاء تلك المدة لم يجب القصاص لأنه موضع شبهة. وهل تجب عليه الدية؟ من أصحابنا من قال فيه قولان كما قلنا في السن.
ومنهم من قال تجب الدية قولا واحدا، لان عود الضوء غير معهود، وعود السن معهود (فرع) إذا جنبي على عينيه فنقص ضوءها نظرت فإن عرف أنه نقص