(فصل) وإن أكره رجل على قتل رجل فقتله فإن قلنا إنه يجب القود عليهما فللولي أن يقتل من شاء منهما، ويأخذ نصف الدية من الاخر لأنهما كالشريكين في القتل إذا كانا من أهل القود، وإن قلنا لا يجب القود إلا على المكره الآمر دون المكره، فللولي أن يقتل المكره، ويأخذ من الاخر نصف الدية لأنهما كالشريكين، غير أن القصاص يسقط بالشبهة فسقط عنه، والدية لا تسقط بالشبهة فوجب عليه نصفها.
(الشرح) إذا اشترك جماعة في قتل رجل وجبت عليه دية، ويقسم بينهم على عددهم لأنه بدل متلف يتجزأ فقسم بينهم على عددهم كغرامة المتلف فإن كان القتل موجبا للقود واختار الولي أن يقتل بعضهم ويعفو عن الباقين على حصتهم من الدية كان له ذلك.
وإن شهد رجلان على رجل بما يوجب القتل والقطع بغير حق مخطئين وجبت عليهما الدية لما ذكرناه قبل هذا في الشاهدين عند علي رضي الله عنه على رجل في السرقة. وإن أكره رجل رجلا على قتل إنسان فقتله فصار الامر إلى الدية فهي عليهما لأنهما كالشريكين، ولهذا إن قلنا يجب عليهما فللولي أن يقتل من شاء منهما ويأخذ نصف الدية من الثاني. وان قلنا إن القود لا يجب الا على المكره بكسر الراء وهو الآمر دون المكره بفتح الراء كان القصاص على الامر ونصف الدية على المأمور، لأنهما وإن كانا كالشريكين إلا أن القصاص إذا سقط بالشبهة عنه فلا تسقط الدية بالشبهة فلزمه نصفها قال المصنف رحمه الله تعالى (فصل) وان طرح رجلا في نار يمكنه الخروج منها فلم يخرج حتى مات، ففيه قولان (أحدهما) أنه تجب الدية، لان ترك التخلص من الهلاك لا يسقط به ضمان الجناية، كما لو جرحه جراحة وقدر المجروح على مداواتها فترك المداواة حتى مات. والقول الثاني أنها لا تجب وهو الصحيح لان طرحه في النار لا يحصل به التلف، وإنما يحصل ببقائه فيها باختياره، فسقط ضمانه كما لو جرحه