تجب فيه دية مسلم لأنه مسلم في حال استقرار الجناية فوجبت ديته والمذهب الأول لأنها سراية قطع غير مضمون فلم يضمن كسراية القصاص وقطع السرقة.
(فصل) وإن أرسل سهما على حربي فأصابه وهو مسلم ومات وجبت فيه دية مسلم.
وقال أبو جعفر الترمذي: لا يلزمه شئ لأنه وجد السبب من جهته في حال هو مأمور بقتله ولا يمكنه تلافى فعله عند الاسلام فلا يجب ضمانه، كما لو جرحه ثم أسلم ومات، والمذهب الأول، لأن الاعتبار بحال الإصابة دون حال الارسال لان الارسال سبب والإصابة جناية، والاعتبار بحال الجناية لا بحال السبب، والدليل عليه أنه لو حفر بئرا في الطريق وهناك حربي فأسلم ووقع فيها ومات ضمنه، وإن كان عند السبب حربيا، ويخالف إذا جرحه ثم أسلم، ومات، لان الجناية هناك حصلت وهو غير مضمون، وإن أرسل سهما على مسلم فوقع به وهو مرتد فمات لم يضمن، لان الجناية حصلت وهو غير مضمون فلم يضمنه، كما لو أرسله على حي فوقع به وهو ميت.
(الشرح) قوله تعالى (ومن يقتل مؤمنا إلخ الآية) نزلت هذه الآية بسبب قتل عياش بن أبي ربيعة الحارث بن يزيد بن أبي أنيسة العامري لحنة (أي إحنة وحقد) كانت بينهما، حيث كان يعذبه في مكة بسبب إسلامه، فلما هاجر الحارث مسلما لقيه عياش فقتله ولم يشعر باسلامه، فلما أخبر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله انه كان من أمري وأمر الحارث ما قد علمت، ولم أشعر باسلامه حتى قتلته، فنزلت الآية. أخرجه ابن جرير عن عكرمة، وأخرج نحوه عن مجاهد والسدي وأخرج ابن إسحاق وأبو يعلى والحرث بن أبي أسامة وأبو مسلم الكجي عن القاسم بن محمد نحوه، وأخرج بن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس نحوه.
أما قوله تعالى (وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق الخ الآية) فقد اختلف فيها أهل العلم فذهب ابن عباس والشعبي النخعي والشافعي. واختاره الطبري