(الشرح) إذا دفع ولده الصغير إلى سابح ليعلمه السابحة فغرق الصبي فعلى عاقلة السابح ديته وعليه الكفارة في ماله لأنه أخذه للتعليم، فإذا تلف في طريق التعليم كان عليه ضمانه كالمعلم إذا ضرب صبيا فمات، ولان هذا في الغالب لم يغرق إلا بتفريط من السابح فيكون عمد خطأ، وإن سلم البالغ نفسه إلى السابح ليعلمه السباحة فغرق لم يجب ضمانه، لأنه في يد نفسه، ولا ينسب التفريط في هلاكه إلى غيره فلا يجب ضمانه.
(مسألة) إذا كان صبي أو بالغ معتوه على حائط أو حافة نهر فصاح رجل صياحا شديدا ففزع من الصياح فسقط ومات أو زال عقله وجبت ديته على عاقلة الصائح، لان صياحه سبب لوقوعه، وإن كان صياحه عليه فهو عمد خطأ، وإن كان صياحه على غيره فهو خطأ محض.
وإن كان الرجل بالغا عاقلا فسمع الصيحة وسقط ومات أو زال عقله، فإن كان متيقظا لم يجب ضمانه لان الله تعالى لم يجر العادة لا معتادا ولا نادرا أن يقع الرجل الكبير العاقل من الصياح، فإذا مات علمنا أن صياحه وافق موته، فهو كما لو رماه بثوب فمات، وإن كان في حال غفلته فسمع الصيحة فمات أو زال عقله ففيه وجهان:
(أحدهما) وهو المنصوص أنه لا يجب ضمانه لما ذكرناه (والثاني) وهو قول أبى علي بن أبي هريرة، أنه يجب ضمانه، لان الانسان قد يفزع من ذلك في حال غفلته. وان شهر السيف على بالغ عاقل فزال عقله لم يجب ضمانه، وان شهره على صبي أو معتوه فزال عقله وجب ضمانه. وقال أبو حنيفة لا يجب ضمانه.
ولنا أن هذا سبب في تلفه فإن كان متعديا ضمن كما لو حفر بئرا فوقع فيها. وقال أحمد: لو شهر سيفا في وجه إنسان أو دلاه من شاهق فمات من الروع أو ذهب عقله بذلك الفعل فعليه دينه، ثم وافقنا احمد في الصبي والبالغ عنده قول واحد وكذلك عند سائر أصحابه (مسألة) إذا بعث السلطان إلى امرأة ذكرت عنده بسوء وكانت حاملا ففزعت فأسقطت جنينها وجب على الامام ضمانه. وقال أبو حنيفة لا يجب.