والعقد له. ولا يلتفت إلى إجماع الدهماء، فإن ذلك لا يصح لان طبقة الدهماء لابد أن تكون مقلدة لفئة منها تؤثر عليها بالدعاية والضجيج فلا تستطيع أن تحكم في أناة وتعقل لتختار الإمام العادل، ومن ثم فإن أهل الحل والعقد وهم الطليعة الواعية والفئة المستنيرة من أهل الاجتهاد من الأمة هم الجديرون باختيار الإمام لأنهم سيحملون وزره إذا لم يتحروا في اختياره الصواب، وسيكونون شركاءه في مآثمه ومظالمه.
وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في كتابه التنبيه: ولا يعقد إلا بعقد جماعة من أهل الحل والعقد ومقتضى كلامه أن أقلهم ثلاثة، لان ذلك أقل الجمع عندنا، وعند القاضي أبى الفتوح ينعقد بواحد، ومن شرط العاقد أن يكون ذكرا بالغا عاقلا مسلما عدلا مجتهدا. وهل من شرط العقد أن يكون بحضرة شاهدين؟ قال العمراني فيه وجهان. ومن شرط العاقد والشاهد إذا اعتبرناه أن يكون عدلا ظاهرا وباطنا، لأنه لا يشق مراعاة ذلك فيهما، ولا يجوز نصب إمامين. وقال أبو المعالي الجويني: يجوز عقد الإمامة لامامين في صقعين متباعدين وقد خطأه العمراني فإن عقدت الإمامة لرجلين فإن علم السابق منهما صح العقد الأول وبطل الثاني، ثم ينظر في الثاني فإن عقد له مع الجهل بالأول أو مع العلم به لكن بتأويل شائع لم يعزر المعقود له ولا العاقد، وان عقد للثاني مع العلم بالأول من غير تأويل شائع عزر العاقد والمعقود له، لما أخرج أحمد ومسلم عن عرفجة الأشجعي قال (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه) قال الخطابي من أصحابنا: ولم يرد القتل وإنما أراد اجعلوه كمن مات أو قتل فلا تقبلوا له قولا. وقد قيل لعلي رضي الله عنه في الخوارج انهم كفروا، فقال هم من الكفر فروا، قيل هم منافقون؟ فقال إن المنافقين إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى، وهؤلاء تحقرون صلاتكم بجانب صلاتهم. قيل ماذا تقول فيهم؟ قال قوم تأولوا فأخطأوا.
فإذا وقع عقدان لامامين معا بطلا ويستأنف العقد لأحدهما، والمستحب