الاجتماع على الطاعة أمهلهم، وإن كان قصدهم الاجتماع على القتال لم ينظرهم، لما في الانظار من الاضرار، وان أعطوا على الانظار رهائن لم يقبل منهم، لأنه لا يؤمن أن يكون هذا مكرا وطريقا إلى قهر أهل العدل. وان بذلوا عليه مالا لم يقبل لما ذكرناه، ولان فيه اجراء صغار على طائفة من المسلمين، فلم يجز، كأخذ الجزية منهم.
(الشرح) قوله تعالى (وان طائفتان من المؤمنين. الآية) روى المعتمر بن سليمان عن أنس قال، قلت (يا نبي الله لو أتيت عبد بن أبي؟ فانطلق إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فركب حمارا وانطلق المسلمون يمشون، وهي أرض سبخة فلما أتاه النبي صلى الله عليه وسلم قال إليك عنى فإنه أذاني نتن حمارك، فقال رجل من الأنصار والله لحمار رسول الله صلى الله عليه وسلم أطيب ريحا منك، فغضب لعبد الله رجل من قومه، وغضب لكل واحد منهما أصحابه، فكان بينهم حرب بالجريد والأيدي والنعال، فبلغنا أنه أنزل فيهم هذه الآية وقال مجاهد نزلت في الأوس والخزرج. وقال مجاهد تقاتل حيان من الأنصار بالعصي والنعال فنزلت الآية، وروى في أسباب نزولها روايات كثيرة، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
أما أخبار الحرورية فقد أخرجها مفرقة على المصادر الآتية، مسلم في الزكاة عن عبد بن حميد وفى استتابة المرتدين، أبو داود في السنة عن الحسن الخلال وعن محمد بن كثير ومحمد بن عبيد بن حسان والبخاري في علامات النبوة والنسائي عن محمد بن بشار، وابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة، كما أخرج ذلك كله ابن سعد في الطبقات وغيره.
وأما قتال أبى بكر لمانعي الزكاة فهي مما تواتر واستفاضت أخباره جملة وتفصيلا أثبتناها في كتابنا عن خالد بن الوليد أما اللغات فالتأويل تفسير ما يؤول إليه الشئ وقوله وامتنعت بمنعة.
ومنعة ومنعة، هكذا في اللسان وقال ابن بطال في غريب المهذب السماع بسكون النون والقياس فتحها جمع مانع مثل كافر وكفرة.