وقال ابن الاعرابي: رجل منوع يمنع غيره، ورجل منع يمنع نفسه.
وقوله (تفي إلى أمر الله) أي ترجع، والخوارج سموا بذلك لأنهم خرجوا عن الطاعة، فواضعوا عبد الله أي راهنوه، أي وضعوا رهنا ووضع رهنا على أن من غلب أخذ الرهن الصغار الذل والهوان.
أما الأحكام فإنه إذا بغت على الامام طائفة من المسلمين وأرادت خلعه أو منعت حقا عليها تعلقت بهم أحكام يختصون بها دون قطاع الطريق، ولا تثبت هذه الأحكام في حقهم إلا بشروط توجد فيهم (أحدها) أن يكونوا طائفة فيهم منعة يحتاج الامام في كفهم إلى عسكر، فإن لم تكن فيهم منعة، وإنما كانوا عددا قليلا لم تتعلق بهم أحكام البغاة، وإنما هم قطاع الطريق، لما روى أن عبد الرحمن ابن ملجم لعنه الله قتل علي بن أبي طالب وكان متأولا في قتله فأقيد به، ولم ينتفع بتأويله لأنه لم يكن في طائفة ممتنعة، وإنما كانوا ثلاثة رجال تبايعوا على أن يقتلوا عليا ومعاوية وعمرو بن العاص في يوم واحد، فأما صاحب عمرو فذهب إلى مصر فلم يخرج عمرو بن العاص يومئذ وقتل خارجة بن زيد، ولما سئل قال:
أردت عمرا وأراد الله خارجة.
وأما صاحب معاوية فلم يتمكن من قتله وإنما جرحه في أليته وكواه طبيب قال له: إنه ينقطع نسلك فقال في يزيد كفاية الشرط الثاني: أن يخرجوا من قبضة الامام، فإن لم يخرجوا من قبضته لم يكونوا بغاة، لما روى أن رجلا قال على باب المسجد وعلى يخطب على المنبر:
لا حكم إلا لله ولرسوله تعريضا له في التحكيم في صفين فقال على: كلمة حق أريد بها باطل، ثم قال: لكم علينا ثلاث، لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله، ولا نمنعكم الفئ ما دامت أيديكم معنا ولا نبدؤكم بقتال، فأخبر أنهم ما لم يخرجوا من قبضته لا يبدؤهم بقتال، ولان النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعرض للمنافقين الذين كانوا معه في المدينة، فلئلا يتعرض لأهل البغي وهم مسلمون أولى.
الشرط الثالث، أن يكون لهم تأويل شائع مثل أن تقع لهم شبهة يعتقدون عنها الخروج عن الامام أو منع حق عليهم وان أخطأوا في ذلك كما تأول