المجني عليه إقامة البينة على أنه كان يبصر بها، فالقول قول الجاني مع يمينه، لأنه لا يعذر على المجني عليه إقامة البينة على أنه كان يبصر بها.
وإن قال الجاني: قد كان يبصر بها ولكن طرا عليها العمى قبل الجناية ففيه قولان كما قلنا في الجناية إذا أقر بصحة العضو ثم ادعى أن الشلل طرأ عليه قبل الجناية. وإذا أراد المجني عليه أن يقيم البينة إن كان يبصر بها فيكفي الشاهدين أن شهدا أنه كان يبصر بها، ويسوغ لهما أن يشهدا بذلك إذا رأياه يبصر الشخص ويتبعه في النظر كلما عطف الشخص جهته أتبعه البصر أو يتوفى البئر إذا أتاها أو يغمض عينه إذا جاء إنسان يلمسها، لأن الظاهر ممن فعل هذا أنه يبصر، ويسعهما أن يشهدا على سلامة اليد إذا رأياه يرفع بها ويضع، وليس للحاكم أن يسألهما عن الجهة التي تحملا بها الشهادة على ذلك، كما ليس له أن يسألهما إذا شهدا للرجل بملك عين عن الجهة التي علما بها ملكه (فرع) وإن جنى على عين رجل فذهب ضوءها وقال أهل الخبرة انه يرجى عوده إلى مدة فمات المجني عليه ادعى الجاني أن ضوءها قد عاد قبل موته. وقال الولي لم يعد فالقول قول الولي مع يمينه لان الأصل عدم العود فيحلف أنه لا يعلم أن ضوء عين مورثه قد عاد، لأنه يحلف على نفى فعل غيره، وإن جنى على عين رجل جناية ذهب بها ضوء عينه وبقيت الحدقة ثم جاء آخر وقلع الحدقة فادعى الجاني الأول أن الثاني قلع الحدقة بعد أن عاد ضوءها. وقال الجاني الثاني قل؟ تها قبل عود ضوئها فإن صدق المجني عليه الجاني الأول قبل تصديقه في حق الأول، لان ذلك يتضمن إسقاط حقه عنه ولا يقبل قوله على الثاني، لان ذلك يوجب الضمان عليه. والأصل براءة ذمته من الضمان فيحلف الثاني أنه قلعها قبل أن عاد ضوءها ولا يلزمه الا الحكومة.
قوله (فادعى المجني عليه أنه ذهب سمعه الخ) فجملة ذلك أنه إذا جنى على أذنه جناية وادعى المجني عليه أنه ذهب سمعه وكذبه الجاني فإن المجني عليه يراعى أمره في وقت غفلاته، فإن كان يضطرب عند صوت الرعد، وإذا صبح به وهو عاقل أجاب أو اضطرب أو ظهر منه شئ يدل على أنه سامع، فالقول قول الجاني لأن الظاهر أنه لم يذهب سمعه، ويحلف الجاني أنه لم يذهب سمعه لجواز أن