على الجاني دية حر. قال المزني: يجب الأرش وهو ألفا دينار لان السيد ملك هذا القدر بالجناية، فلا ينقص، وهذا خطأ لأن الاعتبار في الأرش بحال الاستقرار، ولهذا لو قطع يدي رجل ورجليه وجب عليه ديتان، فإذا سرت الجناية إلى النفس وجب دية اعتبارا بحال الاستقرار، وفى حال الاستقرار هو حر فوجبت فيه الدية، ودليل قول المزني يبطل بمن قطع يدي رجل ورجليه ثم مات فإنه وجبت ديتان ثم نقصت بالموت (فصل) وان قطع حر يد عبد فأعتق ثم قطع حر آخر يده الأخرى ومات لم يجب على الأول قصاص لعدم التكافؤ في حال الجناية وعليه نصف الدية لان المجني عليه حرفي وقت استقرار الجناية. وأما الثاني ففيه وجهان (أحدهما) وهو قول أبى الطيب بن سلمة أنه يجب عليه القصاص في الطرف ولا يجب في النفس، لان الروح خرجت من سراية قطعين، وأحدهما يوجب القود والآخر لا يوجب، فسقط كحرين قتلا من نصفه حر نصفه عبد (والثاني) وهو المذهب أنه يجب عليه القصاص في الطرف والنفس لأنهما متكافئان في حال الجناية، وقد خرجت الروح عن عمد محض مضمون، وإنما سقط القود عن أحدهما لمعنى في نفسه فلم يسقط عن الآخر، كما لو اشترك حر وعبد في قتل عبد، ويخالف الحرين إذا قتلا من نصفه حر ونصفه عبد، لان كل واحد منهما غير مكافئ له حال الجناية، فان عفى على مال كان عليه نصف الدية لأنهما شريكان في القتل، وللمولى الأقل من نصف قيمته يوم الجناية الأولى أو نصف الدية، فإن كان نصف القيمة أقل أو مثله كان له ذلك، وإن كان أكثر فله نصف الدية لان الحرية نقصت ما زاد عليه، والفرق بينه وبين المسألة قبلها أن الجناية هناك من واحد وجميع الدية عليه، فقوبل بين أرش الجناية وبين الدية، والجناية ههنا من اثنين والدية عليهما. والثاني جنى عليه في حال الحرية فقوبل بين أرش الجناية، وبين النصف المأخوذ من الجاني على ملكه، وكان الفاضل لورثته.
(فصل) وان قطع حر يد عبد ثم أعتق ثم قطع يده الأخرى نظرت، فان اندمل الجرحان لم يجب في اليد الأولى قصاص، لأنه جنى عليه وهو غير مكافئ له